وعبيدا. {قانِتُونَ} مطيعون منقادون لفعله فيهما، لا يمتنعون عليه. {يَبْدَؤُا الْخَلْقَ} خلق الناس. {ثُمَّ يُعِيدُهُ} بعد هلاكهم. {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} أي الإعادة أسهل عليه من البدء، بالنظر إلى مفهوم المخاطبين أن إعادة الشيء أسهل من ابتدائه، وإلا فهما عند الله تعالى سواء في السهولة. {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى} أي الصفة العليا، وهي أنه لا إله إلاّ الله، أي الوصف بالوحدانية الأعلى الذي ليس لغيره ما يساويه أو يدانيه في السموات والأرض، يتصف به دلالة ونطقا. أو له الوصف العجيب الشأن كالقدرة العامة والحكمة التامة. {وَهُوَ الْعَزِيزُ} القادر في ملكه الذي لا يعجز عن إبداء ممكن وإعادته. {الْحَكِيمُ} الذي يجري الأفعال في خلقه على مقتضى حكمته.
سبب النزول:
نزول الآية (٢٧):
{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ}: أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: تعجب الكفار من إحياء الله الموتى، فنزلت:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}.
المناسبة:
بعد بيان الأمر بتنزيه الله تعالى عن جميع النقائص، واستحقاقه الحمد على خلق جميع الأشياء، وبيان قدرته على الإماتة والإحياء، ذكر هنا أدلة التوحيد والوجود والعظمة وكمال القدرة، والحجج المثبتة للبعث والإعادة، مبتدئا بدليل خلق الإنسان من تراب ثم بقاء النوع الإنساني بالتوالد، ثم خلق السموات والأرض ومشاهد الكون، واختلاف ألوان البشر ولغاتهم، ومنامهم بالليل واكتسابهم بالنهار، وتلك أوصاف تعرض للنفوس، ثم عوارض الكون من البرق والمطر والإنبات، ثم خضوع السماء والأرض لإرادته وإذعان الأموات لدعوته بالخروج أحياء من القبور، وأعقب كل ذلك بما هو كالنتيجة لما سبق، من تقرير كمال القدرة على بدء الخلق وإعادته واتصافه بالصفة العليا وهي الوحدانية وجميع الصفات الباهرة كالقدرة التامة والحكمة الشاملة.