للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آدم من تراب. {ثُمَّ إِذا} هي للمفاجاة. {أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} {بَشَرٌ} من دم ولحم تنتشرون في الأرض، تبتغون من فضل الله. {مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً} بأن خلق حواء من ضلع آدم، وسائر النساء من نطف الرجال والنساء، أو المعنى: أنهن خلقن من جنس الرجال، لا من جنس آخر. {لِتَسْكُنُوا إِلَيْها} لتميلوا إليها وتألفوها، فإن اتحاد الجنس علة للضم والاجتماع، والاختلاف سبب للتنافر. {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} أي وجعل بين الرجال والنساء أو بين أفراد الجنس مودة ورحمة بواسطة الزواج، بخلاف سائر الحيوانات، تنظيما لأمر المعيشة، قال السّدّي:

المودة: المحبة، والرحمة: الشفقة. {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} أي إن في ذلك المذكور لآيات دالة على قدرة الله، لقوم يتفكرون في صنع الله تعالى، فيعلمون ما في ذلك من الحكم.

{وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ} لغاتكم من عربية وغير عربية. {وَأَلْوانِكُمْ} من بياض وسواد وغيرهما، وأنتم أولاد رجل واحد وامرأة واحدة، أو اختلاف في تخطيطات الأعضاء وهيئاتها وألوانها وجمالها، بحيث وقع التمايز والتعارف. {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ} أي لدلالات على قدرته تعالى لذوي العقول وأولي العلم، لا تكاد تخفى على عاقل من ملك أو إنس أو جن، كما قال تعالى:

{وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ} [العنكبوت ٤٣/ ٢٩].

{مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ} منامكم في زماني الليل والنهار، لاستراحة الجسد والنفس والفكر.

{وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ} أي طلبكم المعاش في الليل والنهار. {لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} سماع تفهم وتدبر واستبصار واعتبار. {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ} أي إراءتكم بتقدير. (أن) كقول الشاعر:

ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

أو الفعل فيه منزل منزلة المصدر، مثل: «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» أو صفة لمحذوف تقديره: آية يريكم بها البرق.

{الْبَرْقَ} شرارة كهربائية تظهر في الجو نتيجة احتكاك السحب، وينشأ عنها الرعد.

{خَوْفاً} للمسافر من الصواعق. {وَطَمَعاً} في الغيث للمقيم. {بَعْدَ مَوْتِها} بعد يبسها، وإحياؤها يكون بالإنبات. {إِنَّ فِي ذلِكَ} المذكور. {لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} لدلالات على قدرته تعالى لقوم يتدبرون، يستعملون عقولهم في كيفية تكونها ليظهر لهم كمال قدرة الصانع وحكمته.

{بِأَمْرِهِ} أي بإقامته لهما وإرادته قيامهما في موقعهما المعين من غير مقيم محسوس وجعل السماء من غير عمد ترونها. {ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ} أي خروجكم من القبور إذا دعاكم دعوة واحدة، فيقول: أيتها الموتى اخرجوا، أو بأن ينفخ إسرافيل في الصور للبعث من القبور. {إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} أي تخرجون من القبور أحياء. {وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} ملكا وخلقا

<<  <  ج: ص:  >  >>