يبعث ملكا، ثم أجاب عن هذه الشبهة بأن سنة الله تعالى وعادته أن يبعث رسولا من البشر.
ثم هددهم بخسف الأرض بهم، أو بعذاب من السماء بغتة؛ لأن لله قدرة كاملة في السماء والأرض، والمخلوقات كلها تنقاد له وتخضع لأمره.
التفسير والبيان:
{وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ.}. هذه الآية تحدد جزاء المهاجرين في سبيل الله، ابتغاء مرضاته، الذين فارقوا الدار والإخوان، رجاء ثواب الله وجزائه، والمعنى: والذين فارقوا ديارهم وأوطانهم، وتركوا أموالهم وأولادهم في سبيل الله، وحبا في إرضائه، وذهبوا إلى ديار أخرى، بعد أن ظلموا، وأوذوا من الأعداء، لننزلنهم في الدنيا دارا أو بلدة حسنة، ومنزلة حسنة، وهي الغلبة على أهل مكة الذين ظلموهم وعلى العرب قاطبة وعلى أهل المشرق والمغرب. فالحسنة: هي المنزلة الطيبة والمسكن المرضي والموطن الأصلح وهو المدينة، كما قال ابن عباس والشعبي وقتادة. وقال مجاهد: هي الرزق الطيب، قال ابن كثير: ولا منافاة بين القولين، فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم، فعوضهم الله خيرا منها في الدنيا، فإن من ترك شيئا لله، عوضه الله بما هو خير له منه، وكذلك أصبحوا سادة العباد والبلاد.
فالحسنة: هي المنزلة الرفيعة المادية والمعنوية.
{وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ.}. أي وثوابهم في الآخرة على هجرتهم أعظم مما أعطيناهم في الدّنيا؛ لأن ثوابه هو الجنة ذات النعيم الدائم الذي لا يفنى، {لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ}: الضمير للكفار أي لو علموا أن الله يجمع لهؤلاء المستضعفين في أيديهم الدّنيا والآخرة، لرغبوا في دينهم. ويجوز أن يرجع الضمير إلى