للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني-أن يكون الإضلال: عبارة عن الذهاب بهم عن طريق الجنة إلى النار، والهداية: عبارة عن إرشادهم إلى طريق الجنة.

والثالث-أنه تعالى لما ترك الضال على إضلاله، ولم يتعرض له، صار كأنه أضله، والمهتدي لما أعانه بالألطاف، صار كأنه هو الذي هداه.

والخلاصة: إنه لا إجبار على الإيمان والكفر، ولا يخلق العبد كافرا أو لا يخلق الكفر في العبد، وإنما المراد بالإضلال والهداية بيان طريقي الشر والخير، كما قال تعالى: {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد ١٠/ ٩٠].

[مهمة الرسول موسى عليه السلام ونصائحه لقومه]

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ (٥) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)}

الإعراب:

{أَنْ أَخْرِجْ} {أَنْ}: إما أن يكون لها موضع من الإعراب، وهو النصب، وتقديره:

بأن أخرج قومك، فحذف حرف الجر، فاتصل الفعل به، وإما ألا يكون لها موضع من الإعراب، وتكون مفسّرة بمعنى أي، مثل {أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا} [ص ٦/ ٣٨].

{وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ} أتى بالواو هنا، ليدل على أن الثاني غير الأول، وحذفت في غير هذا الموضع في سورة البقرة، ليدل على البدل، وأن الثاني بعض الأول، أي أنه في سورة البقرة تفسير لما سبق، وهنا غير تفسير، وإنما التذبيح نوع آخر من العذاب غير الأول.

{إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ} حذفت الفاء من جواب الشرط‍ للشهرة.

البلاغة:

{شَكَرْتُمْ} و {كَفَرْتُمْ} بينهما طباق.

{صَبّارٍ شَكُورٍ} صيغة مبالغة فيهما.

شديد.. حميد فيهما سجع.

المفردات اللغوية:

{بِآياتِنا} الجمهور على أنها الآيات التسع التي أجراها الله على يد موسى عليه السلام، يعني اليد والعصا وسائر معجزاته. وقيل: هي الجراد والقمل والضفادع ونحوها. {أَنْ أَخْرِجْ} أي بأن أخرج، أو بمعنى أي كأن في الإرسال معنى القول. {قَوْمَكَ} بني إسرائيل. {مِنَ الظُّلُماتِ} الكفر والجهالات. {إِلَى النُّورِ} الإيمان بالله وتوحيده وجميع ما أمروا به {وَذَكِّرْهُمْ} عظهم، {بِأَيّامِ اللهِ} وقائعه التي وقعت على الأمم السابقة، وأيام العرب: حروبها. وقيل: بنعمائه وبلائه. {صَبّارٍ} كثير الصبر على البلاء والطاعة. {شَكُورٍ} أي كثير الشكر للنعم.

{وَإِذْ قالَ} واذكر حين قال موسى. {يَسُومُونَكُمْ} يذيقونكم العذاب السيء الشديد.

{وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ} المولودين. {وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ} يبقونهم أحياء للذل والعار؛ لقول بعض الكهنة: إن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملك فرعون. {وَفِي ذلِكُمْ} الإنجاء أو العذاب. {بَلاءٌ} إنعام أو ابتلاء واختبار.

{وَإِذْ تَأَذَّنَ} واذكر حين أعلم وآذن. {لَئِنْ شَكَرْتُمْ} نعمتي بالتوحيد والطاعة. {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ} جحدتم النعمة بالكفر والمعصية، لأعذبنكم، دل عليه {إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ}.

{لَغَنِيٌّ} عن خلقه. {حَمِيدٌ} مستحق للحمد في ذاته، محمود في صنعه بهم، تحمده

<<  <  ج: ص:  >  >>