أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة. {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ}{هُمْ} الثانية تأكيد، والجملة حالية مشعرة بأن امتناعهم عن الزكاة لاستغراقهم في طلب الدنيا وإنكارهم للآخرة. {غَيْرُ مَمْنُونٍ} غير مقطوع، ولا يمنّ به عليهم، من المنّ.
التفسير والبيان:
{حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} هذه الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن وللدلالة على خطر ما يتلى بعدها، هذا القرآن منزّل من الله تبارك وتعالى ذي الرحمة الواسعة لعباده، فهو المنعم بعظائم النّعم ودقائقها، إنه منزّل على عبده ونبيّه محمد ص. وتخصيص هذين الوصفين {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} بالذّكر هنا للدلالة على أن هذا القرآن هو البلسم الشافي للأمم والأفراد والجماعات، وهو الرّحمة الكبرى للعالم، كما قال تعالى:{وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ}[الأنبياء ١٠٧/ ٢١].
{كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} وهو كتاب بيّنت آياته بيانا شافيا، وأوضحت معانيه، وأحكمت أحكامه:{كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ، ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}[هود ١/ ١١]، وقد أنزلناه بلغة العرب، ليسهل فهمه، فمعانيه مفصّلة، وألفاظه واضحة غير مشكلة، وإنما يعرف هذا البيان والوضوح العلماء الراسخون الذين يعلمون أن القرآن منزل من عند الله، ويعلمون معانيه، لنزوله بلغتهم، كما قال تعالى:{إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا، لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[يوسف ٢/ ١٢]، وقال سبحانه:{وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ، لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم ٤/ ١٤].