المفردات اللغوية:
{وَالْمُحْصَناتُ} أي حرمت عليكم ذوات الأزواج؛ لأنهن دخلن في حصن الزوج وحمايته، ويطلق الإحصان في القرآن الكريم على أحد أربعة معان:
١ - التزوج: كما في الآية: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ} [النساء ٢٤/ ٤] يقال: أحصن الرجل: إذا تزوج.
٢ - الإسلام: كما في الآية: {فَإِذا أُحْصِنَّ} أي أسلمن، يقال: أحصن: إذا أسلم.
٣ - العفة: كما في الآية: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ} [النساء ٢٥/ ٤] يقال: أحصن: إذا عف، وفي آية أخرى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} [النور ٤/ ٢٤].
٤ - الحرية: كما في الآية: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ} [النساء ٢٥/ ٤] يقال: أحصن: إذا صار حرا، وفي الآية نفسها: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ} وفي جميع ذلك: معنى المنع وتحصين النفس من الوقوع في الحرام، فالرجل إذا تزوج، منع نفسه من الزنى، وإذا أسلم، منع نفسه من القتل، والعفيف يمنع نفسه من الفحش، وإذا عتق منع نفسه من الاستيلاء.
وورد الإحصان في السنة بمعنى التزوج،
قال صلّى الله عليه وسلّم: أحصنت؟ بمعنى تزوجت، قال: نعم.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود عن علي: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» من أحصن منهم ومن لم يحصن.
{ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} أي المملوكات بالسبي في جهاد مشروع، فينفسخ نكاحهن من أزواجهن الكفار في دار الحرب، ويحل الاستمتاع بهن بعد استبراء الحامل بوضع حملها، وغير الحامل (الحائل) بحيضة ثم تطهر، واشترط الحنفية اختلاف الدار بينها وبين زوجها، فلو سبيت هي وزوجها لم تحل لغيره.
{كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ} أي كتب الله تحريم ذلك عليكم {وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ} أي أبيح لكم من النساء سوى ما حرم عليكم {أَنْ تَبْتَغُوا} تطلبوا النساء {بِأَمْوالِكُمْ} بصداق، فالأموال: المهور {مُحْصِنِينَ} متزوجين أو متعففين {غَيْرَ مُسافِحِينَ} غير زانين، والمسافح: الزاني، وذلك لئلا تضيعوا أموالكم وتفقروا أنفسكم فيما لا يحل لكم، فتخسروا دنياكم ودينكم، ولا مفسدة أعظم مما يجمع بين الخسرانين.
{أُجُورَهُنَّ} مهورهن، والأجر في الأصل: الجزاء في مقابلة شيء من عمل أو منفعة، والمهر في مقابل الاستمتاع المباح. {فَرِيضَةً} مفروضة ومقدرة {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ} لا حرج ولا إثم ولا تضييق {فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} أي اتفقتم أنتم وهن من حط بعض الفريضة أو كلها أو الزيادة عليها {إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً} بخلقه فيما يصلحهم {حَكِيماً} فيما دبره لهم.