للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيئة بالحسنة، فيجازون الإساءة بالإحسان كالأذى بالصبر، والجهل بالحلم، أو يتبعون السيئة الحسنة، فتمحوها. {عُقْبَى الدّارِ} أي العاقبة المحمودة في الدار الآخرة، وهي {جَنّاتُ عَدْنٍ} إقامة يقيمون فيها. {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيّاتِهِمْ} أي ومن صلح، وإن لم يعملوا بعملهم، يكونون في درجاتهم تكرمة لهم، وهو دليل على أن الدرجة تعلو بالشفاعة، والتقييد بالصلاح دلالة على أن مجرد الأنساب لا تنفع. {مِنْ كُلِّ بابٍ} من أبواب الجنة أو من أبواب المنازل، أول دخولهم للتهنئة. {سَلامٌ} قائلين: سلام عليكم، بشارة بدوام السلامة. {بِما صَبَرْتُمْ} بصبركم في الدنيا. {فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ} عقباكم.

المناسبة:

هذه الآية متعلقة بما قبلها، فهي تذكر الصفات الحميدة لأولي الألباب، أو الصفات المذكورة في قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ} ومن اتصف بهذه الصفات لهم سعادة الدنيا والآخرة.

التفسير والبيان:

يصف الله تعالى أولي الألباب من المؤمنين الذين تحققوا من نبوة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم واعتقدوا أن ما أنزل إليه هو الحق، يصفهم بالصفات التالية:

١ - الوفاء بالعهد:

الذين يوفون بما عقدوه على أنفسهم من الاعتراف بربوبية الله تعالى، وبالمواثيق بينهم وبين ربهم، وبينهم وبين العباد. وعهد الله: كل ما قام الدليل على صحته من الأدلة العقلية والسمعية، والعهد: اسم للجنس، أي بجميع فروض الله، وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيده، ويدخل فيه التزام جميع الفروض، وتجنب جميع المعاصي.

٢ - عدم نقض الميثاق:

أي لا يخلّون بواجبات العهد والتزاماته، ولا ينقضون عهد الإيمان مع ربهم، ولا بالعقود التي يبرمونها مع الناس من بيع وشراء وسائر المعاملات، حتى لا يكونوا

<<  <  ج: ص:  >  >>