عَلِيمٌ}، {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} ودليل على إحاطة علم الله بالأشياء؛ لأن من ملك شيئا وخلقه، فلا بد من أن يعلمه، كقوله تعالى:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ، وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك ١٤/ ٦٧]، وكذلك من ملك شيئا فله حسابه على أفعاله وما يخفيه صدره، ومنها كتمان الشهادة، وصاحب السلطة المطلقة في شيء وهو الحساب، له الإرادة المطلقة في العفو عمن شاء ممن أخطأ، وعقاب من شاء، وذلك كله مقترن بالقدرة المطلقة على كل شيء.
وللآية أمثال كثيرة في القرآن الكريم نحو:{قُلْ: إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ، وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[آل عمران ٢٩/ ٣] ونحو: {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى}[طه ٧/ ٢٠]{يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ، وَما تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر ١٩/ ٤٠].
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى في هذه الآية أن له ملك السموات والأرض وما فيهن وما بينهن، وأنه المطلع على ما فيهن، لا تخفى عليه الظواهر والسرائر والضمائر وإن دقت وخفيت، وأنه سيحاسب عباده على ما فعلوه وما أخفوه في صدورهم، كما قال ابن كثير فلله ما في السموات وما في الأرض ملكا وخلقا وتصريفا وعلما، وهو العليم بكل شيء، فإن تظهروا ما في قلوبكم من السوء والعزم عليه، أو تكتموه عن الناس وتخفوه، فالله يحاسبكم عليه ويجازكم به، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
وهو يغفر بفضله لمن يشاء من عباده، ويعاقب من يشاء عقابه، ومما يكون عونا على المغفرة توفيق الله عبده إلى التوبة والعمل الصالح، كما قال تعالى: {رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ، وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ. رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ، وَمَنْ صَلَحَ مِنْ