للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج الطبري عن شهر بن حوشب قال: قالت اليهود: انظروا إلى محمد يخلط‍ الحق بالباطل، يذكر سليمان مع الأنبياء، أفما كان ساحرا يركب الريح؟ فأنزل الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن اليهود سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم زمانا عن أمور من التوراة، لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوه عنه، فيخصمهم، فلما رأوا ذلك، قالوا: هذا أعلم بما أنزل إلينا منا، وإنهم سألوه عن السحر وخاصموه به، فأنزل الله: {وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ}.

وقال الكلبي: إن الشياطين كتبوا السحر والنّيرنجيات (تصرفات تخيل وليست حقيقة، وهو أخذ كالسحر وليس به) على لسان آصف: هذا ما علّم آصف بن برخيا-كاتب نبي الله سليمان-الملك، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه، ولم يشعر بذلك سليمان. ولما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه، وقالوا للناس: إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه، فلما علم علماء بني إسرائيل قالوا: معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان. وأما السفلة فقالوا: هذا علم سليمان، وأقبلوا على تعلمه، ورفضوا كتب أنبيائهم: ففشت الملامة لسليمان، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم، وأنزل الله عذر سليمان على لسانه، وأنزل براءته مما رمي به، فقال: {وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ}.

المناسبة:

حين نبذ فريق من اليهود وهم أحبارهم وعلماؤهم التوراة، وأعرضوا عنها، لأنها تدل على نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، اشتغلوا بصناعات وأعمال صادّة عن الأديان، من صنع شياطين الإنس والجن، وهي السحر والشعوذة والطلاسم التي نسبوها إلى سليمان، وزعموا أن ملكه كان قائما عليها.

وهذه أباطيل منهم وسوسوا بها إلى بعض المسلمين، فصدقوهم فيما زعموا منها،

<<  <  ج: ص:  >  >>