قومهم عبدة الأصنام، فقالوا حين دخلوا سائلين الله تعالى الرحمة واللطف بهم:
{رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} أي هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها، وتسترنا عن قومنا {وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً} أي اجعل عاقبتنا رشدا، بأن توفر المصلحة لنا، وتجعلنا راشدين غير ضالين، مهتدين غير حائرين، أو اجعل أمرنا رشدا كله.
{فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً} أي ألقينا النوم الثقيل عليهم حين دخلوا إلى الكهف، فلم يعودوا يسمعون أي صوت، وناموا سنين كثيرة معدودة.
{ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً} أي ثم بعثناهم من رقدتهم تلك، وأيقظناهم من نومتهم ليظهر للناس معلومه سبحانه، أي الطائفتين المتنازعتين فيهم أحصى مدة لبثهم وغاية بقائهم نياما، فيظهر لهم عجزهم، ويعرفوا ما صنع الله بهم، فيتيقنوا من كمال قدرة الله على البعث وغيره.
تفصيل القصة:
{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} أي نحن نخبرك خبرهم على وجه الصدق، وهذا يعني أن الأخبار المتداولة عنهم بين العرب لم تكن صحيحة.
{إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ.}. أي إنهم شباب صدقوا بتوحيد ربهم، وشهدوا أن لا إله إلا هو، وزدناهم توفيقا للهداية بالإصرار على العقيدة والإقبال على الله وإيثار العمل الصالح.
وفي هذا إيماء إلى أن الشباب أقبل للحق وأهدى للسبل من الشيوخ الذين عتوا وانغمسوا في دين الباطل، ولهذا-كما ذكر ابن كثير-كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم شبابا، وأما المشايخ من قريش فبقوا على دينهم، ولم