للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيدوني، فزادوه، فلم يبرح حتى وقع عليها، وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر، فإنه والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر، إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه».

الميسر أو القمار وأضراره:

الميسر: إما من اليسر كما بينا، أو من يسرت الشيء: إذا جزأته، ويطلق على الجزور، لأنه موضع التجزئة، والميسر الذي ذكره الله وحرمه: هو ضرب القداح على أجزاء الجزور قمارا، ثم أطلق على النرد وكل ما فيه قمار.

وكيفية الميسر عند العرب كما بينا: أنه كانت لهم عشرة قداح، وتسمى الأزلام والأقلام أيضا (١)، وأسماؤها: الفذّ، والتّوأم، والرقيب، والحلس، والمسبل، والمعلّى، والنّافس، والمنيح، والسفيح، والوغد، لكل واحد من السبعة الأولى نصيب معلوم من جزور ينحرونها ويجزءونها، إما عشرة أجزاء، أو ثمانية وعشرين جزءا، ولا شيء للثلاثة الأخيرة، فكانوا يعطون للفذ سهما، وللتوأم سهمين، وللرقيب سهمين، وللحلس أربعة، وللنافس خمسة، وللمسبل ستة، وللمعلى سبعة، وهو أعلاها (٢).

وكانوا يجعلون هذه الأزلام في الرّبابة، وهي الخريطة (الكيس) توضع على يد عدل، يجلجلها، ويدخل يده، ويخرج منها واحدا باسم رجل، ثم واحدا باسم رجل آخر، وهكذا، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء، أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح، ومن خرج له قدح لا نصيب له، لم يأخذ شيئا، وغرم ثمن الجزور كله، وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء، ولا يأكلون منها شيئا، ويفتخرون بذلك، ويذمون من لم يدخل فيه، ويسمونه البرم أي الوغد: اللئيم عديم المروءة (٣)، كما بينا سابقا.


(١) واحدها قدح وزلم وقلم، وهي قطع من الخشب.
(٢) ومنه يقال للفائز بأكبر الحظوظ‍: هو صاحب القدح المعلى.
(٣) تفسير القرطبي: ٥٨/ ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>