يسار، والآخر جبر، وكانا صقلبيّين، فكانا يقرآن كتابهما، ويعلمان علمهما، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمرّ بهما، فيستمع قراءتهما، فقالوا: إنما يتعلم منهما، فنزلت.
المناسبة:
بعد أن أبان الله تعالى أنه يجزي المؤمنين بأحسن أعمالهم، أرشد إلى العمل الذي تخلص به أعمالهم من وساوس الشيطان. ثم ذكر بعض وساوسه إلى منكري نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم بإلقاء الشبهات ومنها شبهتان:
الأولى-شبهة النسخ: وهو التبديل، أي رفع الشيء مع وضع غيره مكانه، وتبديل الآية: رفعها بآية أخرى غيرها، وهو نسخها بآية سواها.
والثانية-شبهة كون القرآن من تعليم نصراني لا من الله، وكان الردّ مفحما موضحا بطلان هذه الشبهة: وهو أن القرآن كلام عربي مبين، وهذا المعلم المزعوم أعجمي، فكيف يعلّم كلاما عربيا فصيحا؟!
التفسير والبيان:
يأمر الله عباده على لسان نبيه صلّى الله عليه وسلّم إذا أرادوا قراءة القرآن أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، فيقول:{فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ.}. أي إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله، أي الجأ إلى الله من وساوس الشيطان المرجوم الملعون المطرود من رحمة الله، حتى لا تلتبس عليك القراءة، ولتتدبر معاني القرآن.
والآية متصلة بما سبق:{وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ}.
وخطاب النبي صلّى الله عليه وسلّم خطاب لأمته، بل هي أولى؛ لأنه معصوم من وساوس الشيطان وإغوائه.
وظاهر الآية جعل الاستعاذة عقب القراءة، ولكنها قبل القراءة، كما في قوله تعالى:{إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}[المائدة ٦/ ٥] وقوله: