الذين كانوا يسكنون الأحقاف، وهي قرية من حضرموت في بلاد اليمن، وأهلكنا ثمود قوم صالح عليه السلام الذين كانوا يسكنون الحجر قريبا من وادي القرى، بين الحجاز والشام، ومدائن صالح ظاهرة إلى اليوم، وكانت العرب تعرف مساكنهم جيدا، وتمر عليهم كثيرا.
فأنتم يا أهل مكة ويا مشركي العرب قد تبين لكم إهلاكهم من آثار مساكنهم، واطلعتم على معالم عذابهم، فإن الشيطان قد زين لهم أعمالهم من عبادة غير الله، وكفرهم بربهم، واقترافهم المعاصي، وصدهم الناس عن الدين الحق والسبيل الأقوم، وكانوا عقلاء متمكنين من النظر والاستبصار، فلا عذر لهم في ترك الإيمان بربهم، إلا أنهم لم ينتفعوا بطاقات فكرهم ونظرهم في عواقب الأمور.
أفلا يكون جديرا بكم أن تتعظوا بهؤلاء، فالعاقل من اتعظ بغيره؟!
قصة موسى:
{وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ، وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ، فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ، وَما كانُوا سابِقِينَ} أي وأهلكنا أيضا قارون صاحب الأموال الوفيرة والكنوز العظيمة، وفرعون ملك مصر في زمن موسى، ووزيره هامان. وكان موسى قد جاءهم من عند ربه بالحجج الواضحات الدالة على صدق رسالته، فاستكبروا في الأرض وأبوا تصديقه والإيمان به، وكذبوه وكفروا بالله تعالى وبرسوله، وكانوا خاطئين آثمين عالين مفسدين، ولكنهم لم يكونوا فائتين الله، ولا هاربين من عذابه، بل أدركهم أمر الله وبطشه؛ فإنه القادر القاهر العزيز الغالب.