للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلية، كانوا يوكلون أناسا بالاطلاع على أسرار الناس، حتى إذا جاء أصحابها أخبروهم بها، فيعتقدون فيهم أن الشياطين تخبرهم بالمغيبات.

ج‍ -السعي بالنميمة والوشاية والإفساد، من وجوه خفية لطيفة، يتم فيها تحريض الناس على بعضهم بعضا (١).

وقد وفق ابن خالدون بين الرأيين: فمن قال: إن للسحر حقيقة نظر إلى المرتبتين الأوليين، ومن قال بأنه لا حقيقة له، نظر إلى المرتبة الثالثة.

حكم السحر:

ليس تعلم السحر محظورا، وإنما الذي يحظر ويمنع هو العمل به، قيل لعمر بن الخطاب: فلان لا يعرف الشر، قال: أجدر أن يقع فيه. نقل ابن كثير عن أبي عبد الله الرازي المعتزلي أنه قال: اتفق المحققون على أن العلم بالسحر ليس بقبيح ولا محظور (٢).

ومن السحر: ما يكون كفرا من فاعله، مثل ما يدّعون من تغيير صور الناس، وإخراجهم في هيئة بهيمة، وقطع مسافة شهر في ليلة، والطيران في الهواء، فكل من فعل هذا ليوهم الناس أنه محق، فذلك كفر منه، ويقتل هذا الساحر، لأنه كافر بالأنبياء، يدّعي مثل آياتهم ومعجزاتهم.

وأما من زعم أن السحر خدع ومخاريق وتمويهات وتخييلات، فلا يقتل الساحر، إلا أن يقتل بفعله أحدا، فيقتل به.

ولا ينكر أن يظهر على يد الساحر خرق العادات، مما ليس في مقدور البشر، من مرض وتفريق وزوال عقل، وتعويج عضو، إلى غير ذلك، مما قام الدليل على استحالة كونه من مقدورات العباد.


(١) تفسير ابن كثير: ١٤٥/ ١
(٢) المرجع السابق: ص ١٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>