هذا خبر قاطع من الله العلي القدير، أخبرنا به عن قبيلة ثمود التي تجاوزت الحد بطغيانها وهو خروجها عن الحد في العصيان. وذلك حين نهض أشقاها لعقر الناقة، واسمه قدار بن سالف.
ولكنّ رسولهم صالحا عليه السلام حذرهم عاقبة فعلهم، وقال لهم: احذروا عقر ناقة الله، وذروها، كما قال:{هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً، فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ، وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ، فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}[الأعراف ٧٣/ ٧] وذروها وشربها المخصص لها في يومها. فإنهم لما اقترحوا الناقة، وأخرجها الله لهم من الصخرة، جعل لهم شرب يوم من بئرهم، ولها شرب يوم مكان ذلك، فشقّ عليهم.
وكذبوا صالحا عليه السلام في قوله لهم:«إنكم تعذّبون إن عقرتموها» فعقرها الأشقى، وأضيف العقر إلى الكل بقوله:{فَعَقَرُوها} لأنهم رضوا بفعله.
والجرم وهو العقر وتكذيب النبي يستدعيان بلا شك عقابا صارما، فكان العقاب أن أهلكهم الله، وأطبق عليهم العذاب بذنبهم الذي هو الكفر والتكذيب.
والعقر، وسوّى عليهم الأرض، أو سوى الدمدمة والإهلاك عليهم؛ لأن الصيحة أهلكتهم فأتت على صغيرهم وكبيرهم.
والعبرة من ذلك أن الله فعل بهم ما فعل غير خائف أن تلحقه تبعة الدمدمة من أحد، كما قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد. وهاء {عُقْباها} ترجع إلى الفعلة. وقال السدّي والضحاك والكلبي: ترجع إلى العاقر، أي لم يخف الذي عقرها عقبى ما صنع.