{لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا} لتصرفنا عن عبادتها. {فَأْتِنا بِما تَعِدُنا} من العذاب على الشرك.
{إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} في وعدك أنه يأتينا. {قالَ: إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ} قال هود: لا يعلم أحد متى يأتيكم العذاب، ولا مدخل لي فيه فأستعجل به، وإنما علمه عند الله، فيأتيكم به في وقته المقدّر له. {وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ} إليكم، وما على الرسول إلا البلاغ. {وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ} باستعجالكم العذاب ما هو، ولا تعلمون أن الرسل بعثوا مبلّغين منذرين، لا معذّبين مقترحين.
{فَلَمّا رَأَوْهُ} أي العذاب. {عارِضاً} سحابا عرض في أفق السماء. {مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} متوجها نحو أوديتهم. {هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا} أي يأتينا بالمطر. {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} من العذاب. {رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ} ريح مشتملة على عذاب مؤلم، أي هي ريح، أو بدل من {فَلَمّا}.
{تُدَمِّرُ} تهلك. {كُلَّ شَيْءٍ} من النفوس والأموال. {بِأَمْرِ رَبِّها} بإرادته ومشيئته، فأهلكت رجالهم ونساءهم وصغارهم وأموالهم. {كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} أي كما جزيناهم نجزي الكافرين. {وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ} أي لقد جعلنا لهم مكنة وقدرة في الذي جعلناه لكم يا أهل مكة من القوة والمال. {سَمْعاً} أسماعا. {وَأَفْئِدَةً} قلوبا. {فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ} شيئا من الإغناء، وقوله:{مِنْ شَيْءٍ}{مِنْ}: زائدة للتأكيد.
{إِذْ كانُوا}{إِذْ}: معمولة لأغنى، وفيها معنى التعليل. {يَجْحَدُونَ} ينكرون. {بِآياتِ اللهِ} حججه وبراهينه البيّنة. {وَحاقَ} نزل. {ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} أي العذاب.
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى} أي أهلكنا من جواركم من أهل القرى كثمود وعاد وقوم لوط. {وَصَرَّفْنَا الْآياتِ} بيّناها لهم. {فَلَوْلا نَصَرَهُمُ} هلا نصرهم بدفع العذاب عنهم؟ {مِنْ دُونِ اللهِ} غيره. {قُرْباناً} مصدر أو اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى، من طاعته. {آلِهَةً} معه وهم الأصنام. {ضَلُّوا} غابوا. {عَنْهُمْ} عند نزول العذاب. {وَذلِكَ} أي الضلال والضياع وعدم نفع آلهتهم سببه: {إِفْكُهُمْ} أي كذبهم، وقرئ: أفكهم أي صرفهم. {يَفْتَرُونَ} يكذبون.
المناسبة:
بعد بيان أدلة التوحيد والنبوة التي أعرض عنها أهل مكة، بسبب استغراقهم في لذات الدنيا واشتغالهم بطلبها، ذكر الله تعالى قصة قوم عاد للعظة والتذكر والعبرة، فقد أهلكهم الله تعالى بسبب شؤم كفرهم، مع أنهم كانوا أكثر أموالا وقوة وجاها من مشركي مكة، ليعتبروا بذلك، ويتركوا الاغترار بالدنيا.