لها أن تتزوج بزوج آخر بعد انتهاء العدة من الزوج الأول، وتحل للزوج الأول إن كان الزواج الثاني قائما على الرغبة والدوام والبقاء لا السفاح، وحدث طلاق من غير تواطؤ، وانقضت العدة بعد هذا الطلاق.
واختلف في ذلك النكاح الذي اشترط لحل المطلقة ثلاثا، فذهب سعيد بن المسيب إلى أنه العقد، فتحل المطلقة ثلاثا للأول بمجرد العقد على الثاني. وهذا من شذوذاته (١). وذهب سائر العلماء إلى أن المراد به الوط ء، كما بينا: وهو التقاء الختانين الذي يوجب الحد والغسل، ويفسد الصوم والحج، ويحصن الزوجين، ويوجب كمال الصداق. واشترط مالك أن يكون الوط ء مباحا: بألا تكون صائمة ولا محرمة ولا في حيضتها، ويكون الزوج بالغا.
واشترط أحمد أيضا أن يكون الوط ء حلالا، وأن يكون الواطئ له اثنا عشر سنة. ولم يشترط أبو حنيفة كون الوط ء مباحا، فيجوز في وقت غير مباح كحيض أو نفاس، وأجاز كون الواطئ بالغا عاقلا أو صبيا مراهقا أو مجنونا، لأن وط ء الصبي والمجنون يتعلق به أحكام النكاح من المهر والتحريم كوط ء البالغ العاقل. واتفق علماء المذاهب الأربعة على أن النكاح الفاسد لا يحل المطلقة ثلاثا، ويشترط أن يكون النكاح صحيحا.
ومنشأ الخلاف بين ابن المسيب والجمهور: أن النكاح ورد في القرآن بمعنى العقد والوط ء، واحتمل أن يكون المراد بقوله:{حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}:
(١) وقال بقوله سعيد بن جبير، ولعله لم يبلغهما حديث العسيلة أو لم يصح عندهما، فأخذا بظاهر القرآن: «حتى تنكح زوجا غيره» أي تعقد عليه.