للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصاروا كاملين {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً} رؤساء يقتدى بهم في الخير {يَهْدُونَ} الناس إلى ديننا {بِأَمْرِنا} أي بأمرنا لهم بذلك {وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ} أي أن يحثوا الناس على فعل الخير، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، فيتم كمالهم بانضمام العمل إلى العلم.

وأصل الكلام: أن تفعل الخيرات. وحذفت تاء {إِقامَ} تخفيفا، وهي الإقامة؛ لقيام المضاف إليه مقامها {عابِدِينَ} موحدين مخلصين في العبادة، ولذلك قدم الصلة وهي لنا ليفيد الإخلاص في العبادة.

المناسبة:

بعد إنجاء إبراهيم من النار، ذكر الله تعالى نعما أخرى عليه وعلى لوط‍ ابن أخيه، وقد قرن مع إبراهيم لما كان بينهما من القرابة والاشتراك في النبوة. ومن تلك النعم: إخراجهما من العراق إلى بلاد الشام الأرض المباركة، ومنها: جعلهما أئمة يقتدى بهم، وإنزال الوحي عليهما لفعل الخيرات، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ومن النعم على إبراهيم هبته من الذرية إسحاق ويعقوب.

التفسير والبيان:

{وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ} أي ومن نعم الله تعالى على إبراهيم: أنه ولوط‍ عليهما السلام نجاهما إلى الأرض المباركة، بالهجرة من العراق إلى بلاد الشام الأرض المقدسة، والتي بارك الله فيها بكثرة ما بعث فيها من الأنبياء، وانتشرت شرائعهم بين العالمين، كما بارك فيها بخصوبة أراضيها وكثرة أشجارها وأنهارها، فاجتمع فيها خير الدنيا والآخرة. ويقال: هي أرض المحشر والمنشر، وبها ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، وبها يهلك المسيح الدجال.

وكانت هجرة إبراهيم من كوثى من بلدة «فدان آرام» بالعراق، ومعه لوط‍ وسارّة، فرارا من الشرك والوثنية، والتماسا لمقر التوحيد وعبادة الله، فنزل حرّان، ثم رحل إلى مصر، ثم رجع إلى الشام، فنزل بفلسطين، وأقام لوط‍ في قرى المؤتفكة التي تبعد عن فلسطين مسيرة يوم وليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>