للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} فيه ما يسمى في علم البديع بالمقابلة.

{مَتاعُ الْغُرُورِ} استعارة، شبه الدنيا بالمتاع الذي يغرر به المشتري ثم يظهر فساده، والمدلّس والمغرر هو الشيطان (١).

المفردات اللغوية:

{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ} أي أن الموت مصير كل نفس ونهاية كل حي، ولا يبقى إلا وجهه الكريم {تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ} تعطون جزاء أعمالكم وافيا غير منقوص. ووجه اتصال هذه الجملة بما قبلها: أن كلكم تموتون، ولا بد لكم من الموت، ولا توفون أجوركم على طاعاتكم ومعاصيكم عقيب موتكم، وإنما توفونها يوم قيامكم من قبوركم، والتوفية: تكميل الأجور، وما يكون قبل ذلك في القبر من روضة أو نعمة فبعض الأجور.

{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ} نحّي عنها وأبعد، والزحزحة: التنحية والإبعاد.

{فَقَدْ فازَ} نال غاية مطلوبة، وسعد ونجا أي تحقق له الفوز المطلق المتناول لكل ما يفاز به، ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط‍ الله، والعذاب السرمد، ونيل رضوان الله والنعيم المخلد.

{وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا} أي العيش فيها {إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ} المتاع: ما يتمتع وينتفع به مما يباع ويشترى، والغرور: مصدر غره أي خدعه، والغرور: الخداع والغش، أي أن الدنيا مثل المتاع المشترى بسبب التغرير والغش والخداع ثم يتبين له فساده ورداءته. عن سعيد بن جبير: إنما هذا لمن آثرها على الآخرة، فأما من طلب الآخرة بها، فإنها متاع بلاغ.

{لَتُبْلَوُنَّ} لتختبرن أي لتعاملن معاملة المختبر، لتظهر حالتكم على حقيقتها.

{فِي أَمْوالِكُمْ} بإيجاب الزكاة المفروضة فيها والنفقة في سبيل الله، وبالجوائح والآفات {وَأَنْفُسِكُمْ} بالقتل والأسر والجراح والمخاوف والمصائب في سبيل الله وبالعبادات المفروضة، وبالأمراض وفقد الأحبة والأقارب.

{أُوتُوا الْكِتابَ} اليهود والنصارى {الَّذِينَ أَشْرَكُوا} هم مشركو العرب.

{أَذىً كَثِيراً} كالسب والطعن في الدين والافتراء على الله والرسول والتشبيب بنسائكم.

{وَإِنْ تَصْبِرُوا} على ذلك، والصبر: حبس النفس على ما تكره وكظم الغيظ‍ ومقاومة الجزع والشدة بالتقوى والرضا {وَتَتَّقُوا} الله بامتثال الأمر واجتناب النهي، والتقوى: الابتعاد عن المعاصي والتزام المأمورات.


(١) الكشاف ٣٦٦/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>