وهذا المعنى ذاته شبيه بما قالته قريش:{لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}[الزخرف ٣١/ ٤٣]. ولم يتنبهوا إلى أن معيار الاصطفاء للنبوة أو الرسالة إنما هو السمو في الفضائل والصفات التي ينعم الله بها عليهم ويؤهلهم لتلقي الوحي وتبليغه إلى البشر. وكان مآل غطرسة فرعون وقومه أمرين: التكذيب بنبوة موسى، وإنزال التوراة على موسى، أما الأول فهو قوله تعالى:
{فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ} أي كذب فرعون وقومه موسى وهارون، فأهلكهم الله بالغرق في يوم واحد أجمعين في بحر القلزم (البحر الأحمر) كما أهلك المستكبرين المتقدمين من الأمم بتكذيبهم رسلهم.
وأما الثاني فهو قوله سبحانه:
{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أي لقد أنزلنا على موسى التوراة المشتملة على الأحكام والأوامر والنواهي، بعد إغراق فرعون وقومه، رجاء أن يهتدي بها بنو إسرائيل إلى الحق، بامتثال ما فيها من المعارف والأحكام، وذلك كقوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنّاسِ، وَهُدىً وَرَحْمَةً، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}[القصص ٤٣/ ٢٨].
قال ابن كثير: وبعد أن أنزل الله التوراة، لم يهلك أمة بعامة، بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين (١).
فقه الحياة أو الأحكام:
في قصة موسى وهارون مع فرعون عبرة بالغة وعظة مؤثرة، فلقد بعث الله