{بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ} بسببه من الهزء. {إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} إلى قراءتك. {نَجْوى} يتناجون بينهم، أي يتحدثون. {إِذْ يَقُولُ الظّالِمُونَ} في تناجيهم. {إِنْ} ما تتبعون.
{كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ} بالمسحور والكاهن والشاعر. {فَضَلُّوا} جاروا عن طريق الهدى.
{فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً} طريقا إليه.
سبب النزول:
نزول الآية (٤٥):
{وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} الآية:
أخرج ابن المنذر عن ابن شهاب الزهري قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا تلا القرآن على مشركي قريش، ودعاهم إلى الكتاب قالوا يهزؤون به:{قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ، وَفِي آذانِنا وَقْرٌ، وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ}[فصلت ٥/ ٤١]، فأنزل الله في ذلك من قولهم:{وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} الآيات.
وروى ابن عباس: أن أبا سفيان، والنضر بن الحارث، وأبا جهل وغيرهم كانوا يجالسون النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويستمعون إلى حديثه، فقال النضر يوما: ما أدري ما يقول محمد، غير أني أرى شفتيه تتحرك بشيء، وقال أبو سفيان: إني لأرى بعض ما يقوله حقا، وقال أبو جهل: هو مجنون، وقال أبو لهب: هو كاهن، وقال حويطب بن عبد العزّى: هو شاعر، فنزلت هذه الآية.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد تلاوة القرآن، قرأ قبلها ثلاث آيات، وهي قوله في سورة الكهف:{إِنّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ، وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً}[٥٧] وفي النحل: {أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ}[١٠٨] وفي حم الجاثية: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ}[٢٣] إلى آخر الآية، فكان الله تعالى يحجبه ببركات هذه الآيات عن عيون المشركين (١).