للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف الفقهاء في المسافر سفرا لا تقصر في مثله الصلاة (أقل من ٨٩ كم)، فقال المالكية والثوري: لا يتطوع على الراحلة إلا في سفر تقصر في مثله الصلاة، لأن الأسفار التي حكي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه كان يتطوع فيها، كانت مما تقصر فيه الصلاة.

وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وداود الظاهري: يجوز التطوع على الراحلة، خارج المصر، في كل سفر، سواء أكان مما تقصر فيه الصلاة أم لا، لأن الآثار ليس فيها تخصيص سفر من سفر، فكل سفر يجوز فيه ذلك، إلا أن يخص شيء من الأسفار بما يجب التسليم له (١).

الصلاة على الغائب:

أجاز الشافعي الصلاة على الغائب، بدليل أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم صلّى بأصحابه سنة تسع من الهجرة على النجاشي ملك الحبشة-واسمه أصحمة، وهو بالعربية:

عطية، وقد تساءل الصحابة: كيف نصلي على رجل مات، وهو يصلي لغير قبلتنا؟ فنزلت الآية: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ} [آل عمران ١٩٩/ ٣] (٢) لكن هذا الخبر غريب جدا وهو مرسل أو معضل.

المقصود بوجه الله في القرآن والسنة:

اختلف الناس في تأويل الوجه المصاف إلى الله تعالى في القرآن والسنة (٣)، فقال جماعة: ذلك من مجاز الكلام، إذ كان الوجه أظهر الأعضاء في الشاهد (المخلوق) وأجلها قدرا. والمراد بمن له الوجه: أي الوجود، وعليه يتأول قوله تعالى: {إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ} [الدهر ٩/ ٧٦]. المراد به: لله الذي له الوجه.


(١) تفسير القرطبي: ٨٠/ ٢ - ٨١
(٢) المصدر السابق
(٣) المصدر السابق: ٨٣/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>