مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} بأن قتلن، إن لم يأكلن منه، بخلاف غير المعلمة فلا يحلّ صيدها، وعلامة المعلّمة: أن تسترسل إذا أرسلت، وتنزجر إذا زجرت، وتمسك الصيد ولا تأكل منه، وأقلّ ما يعرف به ذلك ثلاث مرات، فإن أكلت منه، فليس مما أمسكن على صاحبها، فلا يحلّ أكله، كما في حديث الصحيحين، وفي هذا الحديث: أن صيد السهم إذا أرسل وذكر اسم الله عليه كصيد المعلّم من الجوارح {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ} عند إرساله.
{وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} أي ذبائح اليهود والنصارى. {أُحِلَّ} حلال.
{وَالْمُحْصَناتُ} هنا الحرائر، وقيل: العفيفات عن الزنى. {أُجُورَهُنَّ} مهورهنّ. {مُحْصِنِينَ} أعفاء عن الزنى. {غَيْرَ مُسافِحِينَ} معلنين بالزنى بهنّ أو مجاهرين بالزنى. {مُتَّخِذِي أَخْدانٍ} مسرّين بالزنى، والخدن: الصديق ذكرا أو أنثى. {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ} أي يرتدّ. {فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} الصالح قبل ذلك، فلا يعتدّ به ولا يثاب عليه، والمعنى: بطل ثواب عمله. {مِنَ الْخاسِرِينَ} إذا مات عليه.
سبب النزول:
أخرج ابن جرير الطبري من طريق الشعبي: أن عدي بن حاتم الطائي قال: أتى رجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسأل عن صيد الكلاب، فلم يدر ما يقول له حتى نزلت هذه الآية:{تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير: أن عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين سألا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالا: يا رسول الله، إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، وإن كلاب آل ذريح تصيد البقر والحمير والظباء، وقد حرّم الله الميتة، فماذا يحلّ لنا منها؟ فنزلت:{يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ، قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي:«أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم لما أمر أبا رافع بقتل الكلاب في المدينة، جاء الناس فقالوا: يا رسول الله، ما يحلّ لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فأنزل الله الآية، فقرأها».