{قَرِينُهُ} الملك الموكّل به أو الشيطان الذي قيض له، والثاني أصح بدليل قوله:{قالَ قَرِينُهُ: رَبَّنا.} .. {عَتِيدٌ} مهيأ معدّ لجهنم، حاضر لدي {عَنِيدٍ} معاند للحق. {مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ} كثير المنع للمفروض كالزكاة، وقيل: المراد بالخير: الإسلام. {مُعْتَدٍ} ظالم متعد للحق.
{مُرِيبٍ} شاك في الله وفي دينه وأخباره.
{فَأَلْقِياهُ} تكرار للتأكيد. {قالَ قَرِينُهُ} الشيطان المقيض له في قوله تعالى: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً، فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف ٣٦/ ٤٣]. {رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ} أضللته، كأن الكافر قال:
هو أطغاني، فقال:{رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ، وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} بعيد عن الحق، أي فأعنته على ضلاله، فإن إغواء الشيطان إنما يؤثر فيمن كان مختل الرأي، مائلا إلى الفجور، كما قال:{وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ، فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}[إبراهيم ٢٢/ ١٤].
{لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} لا تتجادلوا عندي في موقف الحساب، فلا ينفع الخصام والجدال هنا.
{وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} أخبرتكم في الدنيا وتقدمت إليكم في الكتب بالرسل بوعيدي بالعذاب في الآخرة إذا لم تؤمنوا. {ما يُبَدَّلُ} بغير. {وَما أَنَا بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} أي فلا أعذب بغير جرم، وظلام: ذو ظلم، لقوله تعالى:{لا ظُلْمَ الْيَوْمَ}[غافر ١٧/ ٤٠].
{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ: هَلِ امْتَلَأْتِ، وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} زيادة، وهذا سؤال وجواب جيء بهما لتصوير ملء النار بالناس والجن، وهي من السعة بحيث يدخلها من يدخلها، ويبقى فيها فراغ بعدئذ.
سبب النزول:
نزول الآيات (٢٤ - ٢٦):
{أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ.}.: قيل: نزلت الآيات في الوليد بن المغيرة، لما منع بني أخيه عن الخير وهو الإسلام.
المناسبة:
بعد بيان أحوال الناس يوم القيامة وعند الموت، ذكر الله تعالى صورة حوار بين الكافر وقرينه الشيطان، في يوم القيامة، لمعرفة مدى جناية الإنسان على