للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ينالك مكروه. والتبليغ: إعلان الدعوة الإسلامية، وإعلام جميع ما تضمنته من أحكام وأخبار للناس. {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ} أن يحفظك ويكلؤك ويضمن لك العصمة والصون من أعدائك أي من قتلك، فلا تأبه لهم ولا عذر لك في مراقبتهم. وهذا عدة من الله بالحفظ‍ والكلاءة، ووعد الله منجز {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} أي لا يمكنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك.

{لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ} أي من الدين الحقيقي معتد به، أو على دين يعتدّ به {حَتّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} بأن تعملوا بما فيه، ومنه الإيمان بالله تعالى وبرسوله خاتم النبيين {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} من القرآن {طُغْياناً وَكُفْراً} لكفرهم بالقرآن {فَلا تَأْسَ} تحزن {عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ} إن لم يؤمنوا بك، أي لا تهتم بهم.

{وَالَّذِينَ هادُوا} هم اليهود {وَالصّابِئُونَ} الخارجون عن الأديان كلها كما قال الزمخشري، وقال مجاهد: الصابئون: طائفة من النصارى والمجوس ليس لهم دين، وروي عن مجاهد والحسن البصري: هم طائفة من المجوس واليهود لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح.

وقال قتادة: هم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى الشمس كل يوم خمس صلوات (١).

سبب النزول:

نزول الآية (٦٧):

{يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ}:

أخرج أبو الشيخ ابن حيان عن الحسن البصري:

أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إن الله بعثني برسالة، فضقت بها ذرعا، وعرفت أن الناس مكذبي، فوعدني لأبلغنّ أو ليعذبني، فنزلت: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لما نزلت: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} قال: يا ربّ، كيف أصنع وأنا وحدي يجتمعون علي، فنزلت: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ}.

وأخرج الحاكم والترمذي عن عائشة قالت: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يحرس، حتى نزلت هذه الآية: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ} فأخرج رأسه من القبة، فقال:


(١) تفسير الرازي: ١٠٥/ ٣، تفسير ابن كثير: ٨٠/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>