لما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلّم أن يبلغ في هذه السورة تكاليف شاقة شديدة صعبة يعسر تحملها إلا من خصة الله بالتوفيق، ختمها بما يوجب سهولة تحملهم تلك التكاليف، وهو أن هذا الرسول صلى الله عليه وسلّم منكم، فكل ما يحققه من عز وشرف فهو عائد إليكم، وهو بحال يشق عليه ضرركم، وتعظم رغبته في إيصال خير الدنيا والآخرة إليكم، فهو كالطبيب الحاذق إذا أقدم على علاجات صعبة، فإنما يريد الخير، فاقبلوا منه هذه التكاليف الشاقة لتفوزوا بكل خير.
وكذلك لما بدأ السورة ببراءة الله ورسوله من المشركين، وقص فيها أحوال المنافقين شيئا فشيئا، خاطب العرب على سبيل تعداد النعم عليهم والمن عليهم بكونه جاءهم رسول من جنسهم أو من نسبهم عربي قرشي يبلغهم عن الله، متصف بالأوصاف الجميلة من كونه يعز عليه مشقتهم بالوقوع في العذاب الأخروي، ويحرص على هداهم ويرأف بهم ويرحمهم (١).
روى الحاكم في المستدرك عن أبي بن كعب قال: آخر آية نزلت: {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ..}. إلى آخر السورة. وروى الشيخان عن البراء بن عازب قال:
آخر آية نزلت:{يَسْتَفْتُونَكَ، قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} وآخر سورة نزلت: {بَراءَةٌ}. وعن ابن عباس: آخر آية نزلت: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} وكان بين نزولها وموته صلى الله عليه وسلّم ثمانون يوما. وهذا قول سعيد بن جبير أيضا.
التفسير والبيان:
امتن الله تعالى على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولا من أنفسهم، أي من