للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزجاج الصافي، وأن الماء يجري تحته لا فيه، فالذي لا يعرف أمره يحسب أنه ماء.

وحينئذ استدلت بكل ما رأت على التوحيد والنبوة فأعلنت إسلامها، وأراد الله لها الخير والهداية، فقالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ، لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} أي يا ربي، إني ظلمت نفسي في الماضي بعبادة غيرك، وأسلمت مع إسلام سليمان، وخضعت لله رب العوالم كلها من الإنس والجن.

فقه الحياة أو الأحكام:

يفهم من الآيات ما يأتي:

١ - استدعى سليمان عليه السلام عرش بلقيس (كرسي الملك) من بلاد اليمن إلى بلاد الشام ليريها قدرة الله العظمى، ويجعله دليلا على نبوته؛ لأخذه من قصرها دون جيش ولا حرب، وقبل أن تأتي هي وجماعتها إليه مستسلمين.

٢ - ظهرت قدرة الله على يد مؤمن عالم بكتاب الله وبأسراره وبالاسم الأعظم، فجيء بعرش بلقيس بسرعة خاطفة، وكان هذا العالم بإقدار الله وتوفيقه أقدر من عفريت الجن-وهو القوي المارد-الذي استعد للإتيان به، في زمن أطول، ولكنه سريع وقريب وقصير أيضا، إذ كان في مدة زمن القضاء اليومي، وأما زمن العالم فهو بمقدار إطباق الأجفان وفتحها.

وفي هذا دلالة على سمو مرتبة العلم ورفعة العلماء في الدنيا والآخرة إذا عملوا بعلمهم صالحات الأعمال.

قال القشيري: وقد أنكر كرامات الأولياء من قال: إن الذي عنده علم من الكتاب هو سليمان، قال للعفريت: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}. وعند هؤلاء يكون ما فعل العفريت ليس من المعجزات، ولا من

<<  <  ج: ص:  >  >>