للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفردات اللغوية:

{لا يَسْخَرْ} لا يهزأ ولا يحتقر ولا يعيب، والسّخرية والسخرى: الازدراء والاحتقار، ويقال: سخر به وسخر منه. وقد تكون السخرية: بمحاكاة القول أو الفعل أو الإشارة. {قَوْمٌ} هم الرجال دون النساء، فالقوم مختص بالرجال، لأنهم قوّامون على النساء. {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي لا يعب بعضكم بعضا، ولا تعيبوا، فتعابوا، واللمز: الطعن والتنبيه إلى المعايب بقول أو إشارة باليد أو العين أو نحوهما.

{وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ} أي لا تتداعوا بالمكروه من الألقاب، فإن النبز مختص بلقب السوء عرفا، ومنه: يا فاسق، ويا كافر. {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ} أي ساء الاسم والصيت، وهو المذكور من السخرية واللمز والتنابز، بأن يذكروا بالفسوق بعد دخولهم الإيمان واشتهارهم به، والمراد تهجين نسبة الكفر والفسق إلى المؤمنين، مأخوذ من قولهم: طار اسمه في الآفاق أي ذكره وشهرته. {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ} من ذلك المنهي عنه. {فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} فهم لا غيرهم ظلمة، بوضع العصيان موضع الطاعة، وتعريض النفس للعذاب.

{اِجْتَنِبُوا} تباعدوا وكونوا بمنأى عنه أو على جانب منه. {كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} {الظَّنِّ} حد وسط‍ بين العلم (اليقين) والشك أو الوهم، وهو ما يطرأ للنفس بسبب شبهة أو أمارة قوية أو ضعيفة. وإبهام الكثير ليحتاط‍ في كل ظن ويتأمل من أي نوع، فبعض الظن واجب الاتباع كالاجتهاد في الأحكام العملية وحسن الظن بالله، وبعضه حرام كالظن في الإلهيات والنبوات، أو عند مصادمة الدليل القاطع، وظن السوء بالمؤمنين، وبعضه مباح كالظن في الأمور المعاشية.

{إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} أي ذنب مؤثم موجب العقوبة عليه، وهو كثير كظن السوء بأهل الخير من المؤمنين، وهو تعليل مستأنف للأمر بالاجتناب. {وَلا تَجَسَّسُوا} التجسس: البحث عن العورات والمعايب وكشف ما ستره الناس. {وَلا يَغْتَبْ} الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره في غيبته، وإن كان العيب فيه. {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً؟} أي لا يحسن به، وهو تمثيل لما يناله المغتاب من عرض غيره على أفحش وجه، مع مبالغات الاستفهام المقرّر، وإسناد الفعل إلى أحد للتعميم، وتعليق المحبة بما هو في غاية الكراهة، وتمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان، وجعل المأكول أخا وميتا، وتعقيب ذلك بقوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} أي تقريرا وتحقيقا لذلك، أي فاغتيابه في حياته كأكل لحمه بعد مماته، وقد عرض عليكم أكل لحوم البشر فكرهتموه، فاكرهوا الغيبة التي هي مثل الأكل المذكور. {وَاتَّقُوا اللهَ} عقاب الله في الاغتياب، بأن تتوبوا منه. {إِنَّ اللهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ} قابل توبة التائبين بكثرة، رحيم بهم، فيجعل صاحب التوبة كمن لم يذنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>