والواضح أن هذه الخصائص تكون ما دام بنو إسرائيل عاملين بأصل شريعتهم وبكتابهم المنزل غير المبدل ولا المحرف، والذي فقد ولم يعد له وجود، ومضمون التوراة في الوضع الأصلي يلتقي مع مضمون القرآن، فإذا ما انحرفوا عن العقيدة الصحيحة والشريعة المنزلة، زالت عنهم هذه الخصائص.
فقه الحياة أو الأحكام:
تبين من الآيات ما يأتي:
١ - القرآن العظيم أبان الحق من الباطل، والحلال من الحرام، وقصص الأنبياء، ونبوة محمد صلّى الله عليه وسلم، ولا ينتفع من هديه إلا القوم المصدقون به، الذين يعلمون أنه من عند الله.
٢ - يجب اجتناب الاستعلاء في الأرض، والتعزز بكثرة الأتباع، وهما من سيرة فرعون وقارون. وكانت قصتهما حجة على مشركي قريش وأمثالهم، فكما أن قرابة قارون من موسى لم تنفعه مع كفره، فكذلك قرابة قريش لمحمد صلّى الله عليه وسلم.
٣ - كان علو فرعون وتجبره من كفره، وكانت ممارسات ظلمه وعتوه كثيرة متنوعة، فكان يستذل طائفة من بني إسرائيل، يذبح أطفالهم الذكور، ويترك الإناث أحياء، إهانة لهم واحتقارا، وكان من البغاة المفسدين في أرض دولته.
والظلم والكبرياء سبيل الدمار والهلاك، فأهلكه الله، ونجّى بني إسرائيل من العسف والطغيان.
٤ - كافأ الله المستضعفين من بني إسرائيل، وشأنه دائما الرفق بالضعفاء، فأنقذهم من بأس فرعون، وجعلهم ولاة وملوكا، كما قال تعالى:{وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً}[المائدة ٢٠/ ٥]، وورّثهم ملك فرعون فسكنوا مساكن القبط المصريين، كما قال سبحانه:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا}[الأعراف ١٣٧/ ٧]، وأقدرهم على أرض مصر والشام وأهلها، فاستولوا عليها، وأراد