للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضا بشير المؤمنين، واقتصر على الإنذار مع عموم الخطاب بقوله: {لَكُمْ} ومع ذكر الفريقين:

المؤمنين والكافرين؛ لأن صدر الكلام ومساقه للمشركين. وإنما ذكر المؤمنين وثوابهم زيادة في غيظ‍ أعدائهم المشركين.

{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لما بدر منهم من الذنوب. {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} هو الجنة، والكريم من كل نوع: ما يجمع فضائله. {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا} القرآن بالرد والإبطال والطعن بأنها سحر وشعر وأساطير. {مُعاجِزِينَ} أي مسابقين مغالبين لنا أي يظنون أن يفوتونا بإنكار البعث والعقاب، وقرئ معجزين أي مثبطين غيرهم عن الإيمان. {الْجَحِيمِ} النار الموقدة.

المناسبة:

بعد أن أبان الله تعالى استعجال المشركين العذاب تكذيبا له واستهزاء به؛ لأنهم لا يؤمنون بيوم القيامة، أردف ذلك بإيضاح وظيفة الرسول صلّى الله عليه وسلم وهي الإنذار والتخويف، وأنه بعث للإنذار، فاستهزاؤهم بذلك لا يمنعه منه.

التفسير والبيان:

يأمر الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلم بأن يقول للكفار حين طلبوا منه وقوع العذاب واستعجلوه به: يا أيها المشركون المستعجلون مجيء العذاب إنما أرسلني الله إليكم نذيرا لكم بين يدي عذاب شديد، وليس إلي من حسابكم شيء، بل أمركم إلى الله: إن شاء عجل لكم العذاب، وإن شاء أخره عنكم، وإن شاء تاب على من يتوب إليه، وهو الفعال لما يشاء ويريد ويختار، كما قال: {وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ} [الرعد ٤١/ ١٣].

ومهمتي كما تشمل الإنذار تتضمن التبشير، وهذا مضمون الأمرين:

١ - {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي فالذين آمنت قلوبهم، وصدقوا إيمانهم بأعمالهم لهم مغفرة لما سلف من سيئاتهم، وثواب حسن ولو على القليل من حسناتهم، وجنة عرضها السموات والأرض، فالرزق الكريم هو الجنة التي وصفها الله سبحانه بقوله: {وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>