للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التمييز بين المطيع والعاصي، واختصاص العذاب بقوم دون قوم من أعظم المعجزات لشعيب عليه السلام.

[سنة الله في التضييق والتوسعة قبل إهلاك الأمم]

{وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤) ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرّاءُ وَالسَّرّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٩٥)}

البلاغة:

{مِنْ نَبِيٍّ} فيه حذف وإضمار، والتقدير: من نبي فكذّب أو كذبه أهلها.

{مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ} و {بِالْبَأْساءِ وَالضَّرّاءِ} بينهما طباق.

المفردات اللغوية:

{قَرْيَةٍ} مدينة جامعة تجمع الزعماء كالعاصمة، وإنما ذكر القرية؛ لأنها مجتمع القوم الذين يبعث الرسل إليهم، ويدخل تحت هذا اللفظ‍ المدينة؛ لأنها مجتمع الأقوام من نبي أي فكذبوه {أَخَذْنا} عاقبنا {أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرّاءِ} البأساء: الشدة والمشقة كالحرب والجدب وشدة الفقر، والضراء: ما يضر الإنسان في نفسه أو معيشته كالمرض، وقيل: في كل بالعكس. {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} يتذللون فيؤمنوا. وقوله لعلهم لا يمكن حمله على الشك في حق الله تعالى، فيحمل على أن المراد أنه تعالى فعل هذا الفعل لكي يتضرعوا. والتضرع: إظهار الضراعة أي الضعف والخضوع.

{ثُمَّ بَدَّلْنا} أعطيناهم {مَكانَ السَّيِّئَةِ} العذاب {الْحَسَنَةَ} الغنى والصحة {حَتّى عَفَوْا} كثروا ونموا، من قولهم: عفا النبات والشعر: إذا كثر {وَقالُوا} كفرا للنعمة {قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرّاءُ وَالسَّرّاءُ} كما مسنا، وهذه عادة الدهر، وليست بعقوبة من الله، فكونوا على ما أنتم عليه {فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً} أخذناهم بالعذاب فجأة {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} بوقت مجيئه قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>