الآية توبيخ لمعاصري محمد صلّى الله عليه وسلّم من اليهود وغيرهم، ممن صرفتهم الأهواء والشهوات عن اتباع دعوة الإسلام، فإذا أراد الإنسان النجاة من حساب الله يوم القيامة، ابتعد عن مزالق الشهوات الممنوعة، فإن اتباع الشهوات مرد في النار ومهلكة،
جاء في صحيح مسلم عن أنس:«حفّت الجنة بالمكاره وحفّت النار بالشهوات» والمعنى أن الجنة لا تنال إلا بتجاوز المكاره وبالصبر عليها، وأن النار لا ينجى منها إلا بترك الشهوات وفطام النفس عنها.
والشهوات المذكورة في الآية هي التي يحدث فيها الإفراط أو المغالاة أو التي تكون سببا للتفريط في الواجبات الدينية، فإن قصدت ضمن الحدود المعتدلة المعقولة لم تكن وبالأعلى صاحبها، وقد تكون سببا للثواب وزيادة الأجرة إن قصد بها الخير والصون والعفاف وتسخيرها في سبيل الله ومرضاته. قال العلماء:
ذكر الله تعالى أربعة أصناف من المال، كل نوع من المال يتموّل به صنف من الناس: أما الذهب والفضة فيتموّل بها التجار، وأما الخيل المسوّمة فيتمول بها الملوك، وأما الأنعام فيتمول بها أهل البوادي، وأما الحرث فيتمول بها أهل الريف والقرى.
ودل قوله تعالى:{ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا} أي ما يتمتع به فيها ثم يذهب ولا يبقى، على تزهيد الناس في الدنيا وتحقيرها، والترغيب في الآخرة،
روى ابن ماجه وغيره عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إنما الدنيا متاع، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة». وثبت في
الحديث الصحيح:«ازهد في الدنيا يحبّك الله» أي ازهد في متاعها من الجاه والمال الزائد