صلّى الله عليه وسلّم: ما بين جبليها أعزّ ولا أمنع منى، فو الله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا، فنزلت الآية.
المناسبة:
بعد إثبات البعث والقيامة، أعقبه تعالى بذكر ما يتعرض له الكافر يوم القيامة من أهوال بفقد الأعوان والنصراء، وتجرع الزقوم، وشرب المهل عكر الزيت والقطران، وجره بشدة وعنف إلى جهنم، وصب الماء الحميم البالغ منتهى السخونة والحرارة فوق رأسه، وتقريعه والاستهزاء به فيما زعمه من عز وإكرام، جزاء الشك بيوم البعث والقيامة.
التفسير والبيان:
{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} إن يوم القيامة الذي يفصل الله تعالى فيه بين الخلائق، فيعذب الكافرين، ويثيب المؤمنين، هو ميعاد جميعهم ووقت حسابهم وجزائهم جميعا، يجمعهم كلهم أو لهم عن آخرهم، ليميز المحسن من المسيء، والمحق من المبطل، كقوله تعالى:{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً}[النبأ ١٧/ ٧٨]. وسمى يوم القيامة {يَوْمَ الْفَصْلِ} لأنه تعالى يفصل بين عباده في الحكم والقضاء، أو يفصل بين أهل الجنة وأهل النار، أو يفصل بين المؤمنين وبين ما يكرهون، وبين الكافرين وبين ما يشتهون، فيفصل بين الوالد وولده، والرجل وزوجته، والمرء وخليله.
{يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} أي يوم لا ينفع قريب قريبا، ولا يدفع عنه شيئا من العذاب أو الإغناء، ولا هم يمنعون من عذاب الله، فلا يفيد المؤمن الكافر ولا ينصر القريب قريبه، كقوله تعالى:{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ}[الممتحنة ٣/ ٦٠] وقوله سبحانه: