الكفر، فهو وليهم اليوم، حكاية حال ماضية، أي لا ناصر لهم في حياتهم إلا هو، أو حكاية حال آتية، وهي يوم القيامة، فلا تحزن لتكذيبهم، فلست بدعا من الرسل، وليس قومك منفردين بالعتو والاستكبار.
وناسب ذلك بيان مهمة النبي صلّى الله عليه وسلّم وهي تبيان أحكام القرآن للمختلفين وهم أهل الملل والأهواء، وتوضيح ما اختلفوا فيه وهو الدين، مثل التوحيد والشرك، والجبر والقدر، وإثبات المعاد ونفيه، وأحكام الدين مثل تحريمهم أشياء حلال كالبحيرة والسائبة، وتحليل أشياء حرام كالميتة.
التفسير والبيان:
هذه الآية تسلية من الله لرسوله عما يناله من الحزن بسبب جهالة قومه وإعراضهم عن رسالته، فقال:{تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا.}. أي والله لقد أرسلنا رسلا إلى الأمم الخالية من قبلك، فكذبت الأمم رسلها، وحسّن لهم الشيطان أعمالهم من الكفر وعبادة الأوثان، فهو وليهم اليوم، أي هم رازحون تحت العذاب والنكال.
ووليهم اليوم، أي ناصرهم في الدنيا، على زعمهم، حكاية للحال القائمة ولكن لهم عذاب مؤلم في الآخرة، فجعل اليوم عبارة عن زمان الدنيا. وقيل:
{فَهُوَ وَلِيُّهُمُ} أي قرينهم في النار يوم القيامة، حكاية للحال الآتية، وهي حال كونهم معذبين في النار، أي فهو ناصرهم اليوم، لا ناصر لهم غيره، نفيا للناصر لهم على أبلغ الوجوه، وأطلق على يوم القيامة اسم {الْيَوْمَ} لشهرته.
وبئس الناصر المعين الذي لا يملك لهم خلاصا، ولا يستطيع إنقاذا لهم، ولهم في الآخرة عذاب شديد الألم؛ إذ لا تنفعهم ولاية الشيطان.
فلا تحزن يا محمد على تكذيب قومك لك، فلك أسوة بالمرسلين قبلك، ودع