النّبي صلّى الله عليه وسلّم قرأ: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقال: آمين، يمدّ بها صوته» (١).
التفسير والبيان:
أرشدنا الله تعالى إلى أن نبدأ كل أعمالنا وأقوالنا بالبسملة، فهي مطلوبة لذاتها، محققة للاستعانة باسمه العظيم. وعلمنا سبحانه كيف نحمده على إحسانه ونعمه، فهو صاحب الثناء بحق، فالحمد كله لله دون سواه، لأنه مالك الملك ورب العوالم والموجودات كلها، أوجدها ورباها وعني بها، وهو صاحب الرحمة الشاملة الدائمة، ومالك يوم الجزاء والحساب ليقيم العدل المطلق بين العباد، ويحقق للمحسن ثوابه، وللمسيء عقابه. فهذه الصفات تقتضينا أن نخص الله بالعبادة وطلب المعونة، والخضوع التام له، فلا نستعين إلا به، ولا نتوكل إلا عليه، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، لأنه المستحق لكل تعظيم، والمستقل بإيجاد النفع ودفع الضر.
وقد تعصف الأهواء بالنفوس، وتزيغ بالعقول، فلا غاصم من التردي في الشهوات ومتاهات الانحراف إلا الله، لذا أرشدنا الحق سبحانه إلى طلب الهداية والتوفيق منه، حتى نسير على منهج الحق والعدل، ونلتزم طريق الاستقامة والنجاة، وهو طريق الإسلام القديم المستمر الذي أنعم الله به على النبيين والصديقين والصالحين. وهذا شأن العبد العابد الناسك العاقل العارف حقيقة نفسه ومصيره في المستقبل، لا شأن الكافر الجاحد الضال المنحرف، الذي أعرض عن طريق الاستقامة عنادا، أو ميلا مع الأهواء، أو جهلا وضلالا، وما أكثر الضالين عن طريق الهداية، المتنكبين منهج الاستقامة، الذين استحقوا الغضب والسخط الإلهي!