للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر تعالى هنا ثلاث قصص: قصة نوح مع قومه، وقصة موسى وهارون مع فرعون، وقصة يونس مع قومه، وفي كل قصة عبرة وعظة. ولقد ذكرت أضواء من التاريخ على القصتين الأوليين، وسأذكر ما يناسب قصة يونس عليه السلام.

التفسير والبيان:

وأخبر أيها الرسول واقصص على كفار مكة الذين يخالفونك ويكذبونك خبر نوح مع قومه الذين كذبوه، كيف أهلكهم الله، ودمر هم بالغرق أجمعين عن آخرهم، ليحذر هؤلاء أن يصيبهم من الهلاك والدمار ما أصاب أولئك.

اذكر لهم حين قال نوح لقومه: يا قوم إن كان قد شق عليكم وعظم قيامي معكم للدعوة إلى عبادة ربكم، وتذكيري ووعظي إياكم بآيات الله أي بحججه وبراهينه الدالة على وحدانيته وعبادته، فإني توكلت على الله وحده ووثقت به، فلا أبالي ولا أكف عن دعوتي ورسالتي، سواء عظم عليكم أو لا.

فأجمعوا أمركم، أي اعزموا على ما تريدون من أمر تفعلونه بي، أنتم وشركاؤكم الذين تعبدونهم من دون الله من صنم ووثن.

ولا تجعلوا أمركم الذي تعتزمونه خفيا ملتبسا عليكم، بل أظهروه لي، وتبصروا فيه، وافصلوا حالكم معي.

فإن كنتم تزعمون أنكم محقون فاقضوا إلى ذلك الأمر ونفّذوه بالفعل، ولا تؤخروني ساعة واحدة عن تنفيذ هذا القضاء، فمهما قدرتم فافعلوا، فإني لا أبالي بكم ولا أخاف منكم؛ لأنكم لستم على شيء. وهذا الموقف الواثق بالله وبنصره لنوح أبي البشر الثاني مشابه لموقف هود عليه السّلام إذ قال لقومه:

{إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ، وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ، مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً، ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ. إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ} الآية [هود ٥٤/ ١١ - ٥٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>