للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَمِ اتَّخَذَ} بل أأتخذ، والهمزة، في {أَمِ} همزة الإنكار والتعجب، أو القول مقدر أي أتقولون: اتخذ {وَأَصْفاكُمْ} خصكم واختاركم، وهذا لازم من قولكم السابق {ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً} أي جعل له شبها بنسبة البنات إليه، لأن الولد يشبه الوالد {ظَلَّ} صار {مُسْوَدًّا} متغيرا لما يعتريه من الكآبة، وقرئ: مسود ومسواد، على أن في {ظَلَّ} ضمير المبشر، و {وَجْهُهُ مُسْوَدًّا}: جملة واقعة موقع الخبر {كَظِيمٌ} ممتلئ غما وغيظا.

{أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ} أي أو يجعلون لله من يتربى في الزينة؟ والهمزة همزة الإنكار، وواو العطف يعطف جملة: يجعلون لله.. إلخ {الْخِصامِ} الجدل والنقاش {غَيْرُ مُبِينٍ} غير مظهر الحجة لضعفه عنها وعجزه عن الجدل بالأنوثة. وفيه دلالة على فساد ما قالوه.

{أَشَهِدُوا} أحضروا خلق الله إياهم، فشاهدوهم إناثا؟ {سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ} بأنهم إناث {وَيُسْئَلُونَ} عنها في الآخرة، فيعاقبون على شهادة الزور، وهو وعيد {وَقالُوا: لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ} ما عبدنا الملائكة، فعبادتنا إياهم بمشيئته، فهو راض بها، أي إنهم استدلوا بنفي مشيئته عدم العبادة على امتناع النهي عنها أو على حسنها، وذلك باطل، لأن المشيئة ترجح بعض الممكنات على بعض، مأمورا كان أو منهيا، حسنا كان أو غيره، ولذلك حكم عليهم بالجهل بقوله تعالى: {ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ} أي ليس لمقولهم من الرضا بعبادتهم أدنى علم بمراد الله {إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ} أي ما هم إلا يكذبون فيه ويحدسون، فيعاقبون عليه.

{أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ} أي هل أعطيناهم كتابا من قبل القرآن ينطق بصحة ما قالوه، ويقرر عبادة غير الله؟ {مُسْتَمْسِكُونَ} متمسكون بذلك الكتاب، والمعنى: لم يقع ذلك.

{مُتْرَفُوها} منعموها وأهل الترف فيها {عَلى أُمَّةٍ} ملة أو طريقة ومذهب {مُقْتَدُونَ} متبعون، قال البيضاوي: هذه الآية تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودلالة على أن التقليد في نحو ذلك ضلال قديم {قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى.} أي قال لهم النذير نبيهم: أتتبعون ذلك ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم؟ وهذا حكاية أمر ماض أوحي إلى النذير {قالُوا: إِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ} أي قال الأقوام للنذير: إنا كافرون بما أرسلت به أنت ومن قبلك. {فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ} قال الله: فانتقمنا من المكذبين للرسل قبلك {عاقِبَةُ} مصير ونهاية، فلا تكترث بتكذيبهم.

بسبب النزول:

نزول الآية (١٩):

{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ.}.: أخرج ابن المنذر عن قتادة قال: قال ناس من

<<  <  ج: ص:  >  >>