للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم، وهذا الحكم باق لم ينسخ، فثبت أن قوله ضعيف. ولأنه يبعد من الحكيم أن يجمع بين آيات متتالية، تكون كل واحدة منها ناسخة للأخرى (١).

٢ - أمان اللاجئ إلى الحرم:

تمسك الحنفية بآية {وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ} في عدم قتل الكافر اللاجئ للحرم، ما دام لم يقاتل في الحرم. وتدل أيضا بعمومها على أن القاتل إذا لجأ إلى الحرم لا يقتل. ويؤيد حكم الاثنين قوله تعالى:

{وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً} [آل عمران ٩٧/ ٣] وقوله: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمْناً} [البقرة ١٢٥/ ٢].

٣ - غاية القتال وحكمته:

شرع القتال في الإسلام للدفاع عن النفس والبلاد والأعراض والحرمات، ولم يشرع للعدوان والتقتيل وسفك الدماء.

وكانت الغاية السامية منه إقرار حرية الدعوة إلى الدين، وإعلاء كلمة الله وإعزاز دينه، ونصرة شريعته وحماسة أهله ودعاته.

وهل سبب القتال رد العدوان والإيذاء أو الكفر؟

بالأول قال جمهور من الفقهاء، وبالثاني قال جماعة كالشافعية بدليل آية:

{وَقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ} وفسروا الفتنة بالشرك أو الكفر، وبقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتواتر الذي أخرجه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة: «أمرت أن أقاتل الناس، حتى يقولوا: لا إله إلا


(١) تفسير الرازي: ١٢٩/ ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>