لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك، فأنزل الله:
{هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ}.
التفسير والبيان:
من أسلوب القرآن المتميز تصوير المعنويات بصور المحسوسات، وضرب الأمثال الواقعية تقريبا للأذهان، وإمعانا في الإقناع، وهذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين به، العابدين معه غيره، الجاعلين له شركاء، وهم مع ذلك معترفون أن شركاءه من الأصنام والأنداد عبيد له، ملك له، كما كانوا يقولون:
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك.
والقصد من هذا المثل إثبات الوحدانية، وهدم الشرك والوثنية، فقال تعالى:
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ، هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ، فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ؟} أي جعل الله لكم مثلا تشهدونه وتفهمونه من أنفسكم، ومنتزع من أحوالكم ومشاعركم التي تسيطر عليكم، وقريبة منكم قربا ملازما، لإثبات وحدانية الله تعالى، والإقلاع عما أنتم فيه من عبادة الأوثان والأصنام.
ذلك المثل: هو هل ترضون أن يكون لكم أيها المشركون شركاء في أموالكم؟ وهؤلاء الشركاء هم عبيدكم يساوونكم في التصرف فيها، وأنتم وهم في المال سواء، تخافون أن يقاسموكم الأموال؟! وإذا كنتم تأنفون من ذلك، ولا ترضونه لأنفسكم، فكيف تجعلون لله الأنداد من خلقه، وتجعلون عبيده شركاء له؟! والمعنى المقصود: أن أحدكم يأنف من ذلك أي بأن يساويه عبده في التصرف