والضلالة، والكفر والانحراف، إلى نور العلم والمعرفة واليقين والإيمان الصحيح، كما قال:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا، فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ}[الأعراف ٢٠١/ ٧] قال مجاهد وعبدة بن أبي لبابة: نزلت في قوم آمنوا بعيسى، فلما جاء محمد عليه السلام كفروا به، فذلك إخراجهم من النور إلى الظلمات (١).
وأما الكافرون بالله ورسوله فلا سلطان على نفوسهم إلا لمعبوداتهم الباطلة التي تقودهم إلى الضلال، فإن لاح لهم نور الحق والإيمان، بادر الشيطان وما يلقيه من وساوس إلى إطفاء هذا النور، وإبقاء الكفار في ظلمات الشك والضلال، والكفر والعصيان، أو النفاق والتردد.
وكان جزاؤهم الحق المنتظر هو الخلود في النار والملازمة لها بسبب بعدهم عن الهدى، وتماديهم في الضلال، وعدم استنارة قلوبهم بنور الحق.
وبما أن الحق واحد وحّد الله تعالى لفظ النور، وجمع الظلمات؛ لأن الكفر أجناس مختلفة كثيرة، وكلها باطلة، كما قال:{وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ، فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام ١٥٣/ ٦] وقال تعالى: {وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ}[الأنعام ١/ ٦] ونحو ذلك من الآيات التي في لفظها إشعار بتفرد الحق وانتشار الباطل وتشعبه.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه الآية قاعدة من قواعد الإسلام الكبرى، وركن عظيم من أركان سياسته ومنهجه، فهو لا يجيز إكراه أحد على الدخول فيه، ولا يسمح لأحد أن يكره أحدا من أهله على الخروج منه.