لذا جازاهم الله على إيمانهم وتصديقهم واعترافهم بالحق، فقال:{فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنّاتٍ..}. أي جعل جزاءهم دخول الجنة دار النعيم، التي تجري من تحتها الأنهار، أي تسيل مياهها من تحت أشجارها، وهم ماكثون فيها أبدا، وهذا هو جزاء المحسنين: الذين أحسنوا في اتباعهم الحق وانقيادهم له مهما كان مصدره، ونعيم الآخرة يصعب علينا معرفته وتحديده، لقوله تعالى:{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ، جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة ١٧/ ٣٢].
أما الذين كفروا وكذبوا بآيات الله، أي جحدوا بها وخالفوها، وأنكروا وحدانية الله ونبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم فأولئك هم أهل النار والداخلون فيها، والمقيمون إقامة دائمة فيها.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه الآيات مثل عال دقيق للإنصاف والحق والعدل، إذا أنها قسمت الناس إلى فريقين: فريق المؤمنين والموالين لهم وجزاؤهم جنات النعيم، وفريق المشركين والكفار الموالين لهم من اليهود وجزاؤهم نيران الجحيم.
إنه إنصاف من الناس لأنفسهم وإنصاف من الله تعالى لهم.
لقد أنصف جماعة من النصارى أنفسهم بسبب إذعانهم لدين الحق والتوحيد، فآمنوا بالله ورسوله وبالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنهم كانوا يعلّمون الناس أصول الدين