للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{هُمْ دَرَجاتٌ} أصحاب درجات {عِنْدَ اللهِ} أي مختلفو المنازل، فلمن اتبع رضوانه الثواب، ولمن باء بسخطه العقاب {وَاللهُ بَصِيرٌ} أي يشاهد ويرى كل شيء.

{لَقَدْ مَنَّ} أنعم وتفضل {مِنْ أَنْفُسِهِمْ} عربيا من جنسهم، ليفقهوا كلامه ويشرفوا به.

{وَيُزَكِّيهِمْ} يطهرهم من الذنوب وأدران الوثنية والعقيدة الفاسدة {الْكِتابَ} القرآن {وَالْحِكْمَةَ} السنة النبوية {مِنْ قَبْلُ} أي قبل بعثته {لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي ضلال بيّن واضح لا ريب فيه.

سبب النزول:

أخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في قطيفة حمراء، افتقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخذها، فأنزل الله: {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}.

وقال الكلبي ومقاتل: إن هذه الآية نزلت حين ترك الرماة المركز الذي وضعهم فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد، طلبا للغنيمة، وقالوا: نخشى أن يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من أخذ شيئا من مغنم فهو له، وألا يقسم الغنائم، كما لم يقسمها يوم بدر،

فقال لهم عليه الصلاة والسلام: «ألم أعهد إليكم ألا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمري؟ فقالوا: تركنا بقية إخواننا وقوفا، فقال لهم: بل ظننتم أنّا نغل ولا نقسم» (١).

التفسير والبيان:

تتابع الآيات في بيان صفات النبي صلّى الله عليه وسلّم ومهامه في إصلاح أمته، فما كان من شأنه أن يخون، بل وما كان لنبي أن يخون؛ لأن الله عصم أنبياءهم عما لا يليق بمقامهم؛ لأن النبوة منزلة عالية تربأ بصاحبها عن فعل ما فيه دناءة وخسة، مما يدل على هول الاتهام والخطأ الصادر من المنافقين بنسبة الخيانة والغلول من المغنم للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو منه براء.


(١) أسباب النزول للواحدي: ص ٧٢ - ٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>