وفجرات، فهل يغفر لي؟ فقال ص: ألست تشهد أن لا إله إلا الله؟ قال:
بلى، وأشهد أنك رسول الله، فقال ص: قد غفر لك غدراتك وفجراتك.
وأخرج الحاكم والطبراني عن ابن عمر قال: كنا نقول: ما لمفتتن توبة، إذا ترك دينه بعد إسلامه ومعرفته، فلما قدم رسول الله ص المدينة، أنزل فيهم:
{قُلْ: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال: إن أهل مكة قالوا:
يزعم محمد أن من عبد الأوثان، ودعا مع الله إلها آخر، وقتل النفس التي حرم الله، لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم، وقد عبدنا الآلهة، وقتلنا النفس، ونحن أهل شرك؟ فأنزل الله:{قُلْ: يا عِبادِيَ.}. الآية.
المناسبة:
بعد أن أوعد الله تعالى الكافرين بشتى أنواع الوعيد، أردفه ببيان كمال رحمته وفضله وإحسانه في حق عباده المؤمنين، بغفران ذنوبهم إذا تابوا وأنابوا إليه وأخلصوا العمل له، لترغيب الكفار في الإيمان بالله تعالى وترك الضلال، وكثيرا ما تأتي آيات الرحمة مع آيات النقمة ليرجو العبد ويخاف. قال أبو حيان: وهذه الآية: {قُلْ: يا عِبادِيَ} عامة في كل كافر يتوب ومؤمن عاص يتوب، تمحو الذنب توبته.
التفسير والبيان:
{قُلْ: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ، لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} أي قل أيها الرسول: يا عباد الله الذين أفرطوا في المعاصي واستكثروا منها، لا تيأسوا من مغفرة الله تعالى، فإن الله يغفر كل ذنب إلا الشرك الذي لم يتب منه صاحبه، لقوله تعالى:{إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ}[النساء ٤٨/ ٤] إن الله كثير