أي تلك الأخبار عن نوح وقومه من أخبار الغيوب السابقة، نوحيها إليك على وجهها، كأنك تشاهدها، ونعلمك بها وحيا منا إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا أحد من قومك، حتى يقول من يكذبك: إنك تعلمتها من إنسان، بل أخبرك الله بها.
فاصبر على تكذيب المكذبين من قومك، وأذاهم لك، وعلى تبليغ رسالتك كما صبر نوح على أذى الكفار، فإن النصر والفوز والنجاة للمتقين الذين يطيعون الله ويتجنبون المعاصي، وإنا سننصرك ونرعاك ونجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة، كما فعلنا بالمرسلين، حيث نصرناهم على أعدائهم:{إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا}[غافر ٥١/ ٤٠] الآية، وقال تعالى:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ}[الصافات ١٧١/ ٣٧ - ١٧٢].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيتان إلى ما يأتي:
١ - السلامة والأمن، والتحية والتسليم والتكريم، والبركات والنعم من الله تعالى، على كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، وذلك بدءا من نوح عليه السلام ومن آمن معه.
٢ - المتاع والانتفاع بنعم الدنيا، والتعذيب في الآخرة، لكل كافر وكافرة إلى يوم القيامة، بدءا من ذرية المؤمنين في عصر نوح عليه السلام وذرية أمم من بعدهم.
٣ - كان خبر نوح وقصته مع قومه من أنباء ما غاب عن النبي محمد صلى الله عليه وسلّم، أوحى الله بها إليه وأطلعه عليها، دون أن يكون عالما هو وقومه بها قبل ذلك،