جميع ما يأمر به وينهى عنه، مشكور من جميع خلقه على كثرة نعمه وأفضاله، وأجلها بحق: تنزيل هذا الكتاب، فهو النعمة العظمى والرحمة الكبرى، الذي بيّن للناس طريق الهداية، وعرفهم محذرا سبيل الغواية والضلالة.
ثم سلّى الله تعالى رسوله ص على ما يناله من أذى المشركين وطعنهم في كتابه وتكذيبهم لرسالته، وأمره بالصبر والثبات على دعوته، فقال:
{ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ، إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ} أي ما يقال لك من هؤلاء الكفار المشركين من وصفك بالسحر والكذب والجنون إلا مثل ما قيل للرسل من قبلك، فإن قومهم كانوا يقولون لهم مثلما يقول لك هؤلاء، فكما كذبت كذّبوا، وكما صبروا على أذى قومهم لهم، فاصبر أنت على أذى قومك لك، وإن ربك لغفار لمن تاب إليه، ومعاقب بعقاب مؤلم لمن استمر على كفره، وأصر على طغيانه وعناده، ومات كافرا ولم يتب.
ونظير الآية كثير مثل:{كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ قالُوا: ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}[الذاريات ٣٩/ ٥١].
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيّب قال: لما نزلت هذه الآية:
{إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ}
قال رسول الله ص:«لولا عفو الله وتجاوزه ما هنا أحدا العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد».
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١ - أورد تعالى تهديدات أربعة متعاقبة في هذه الآيات، فقال: {إِنَّ