{وَيَصُدُّونَ} الواو: إما واو عطف أو واو حال، فإن كانت للعطف عطف المضارع على الماضي حملا على المعنى، على تقدير: إن الكافرين والصادّين. وإن كانت للحال، كان تقديره: إن الذين كفروا صادّين عن سبيل الله. وخبر {إِنَّ} مقدّر، أي معذّبون. والأصح هو الأول، قال البيضاوي: لا يريد به حالا ولا استقبالا، وإنما يريد استمرار الصدّ منهم، كقولهم: فلان يعطي ويمنع، ولذلك حسن عطفه على الماضي. وهذا مثل قوله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ}[الرعد ٢٨/ ١٣].
{سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ}{الْعاكِفُ}: مبتدأ، {وَالْبادِ}: عطف عليه، وسواء على قراءة الرفع: خبر مقدم. وعلى قراءة النصب: منصوب على المصدر، على تقدير: سوّينا، أو على الحال من هاء {جَعَلْناهُ} وهو عامل فيه، ورفع {الْعاكِفُ} به.
{بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ} حالان مترادفان، ومفعول {يُرِدْ}: متروك ليتناول كل متناول كما قال الزمخشري، وهو الأولى كما قال الرازي.
البلاغة:
{الْعاكِفُ} و {الْبادِ} بينهما طباق، إذ العاكف: المقيم في المدينة، والباد: المقيم في البادية.
المفردات اللغوية:
{وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} أي ويمنعون عن دين الله وطاعته. والصد: المنع، والفعل يفيد استمرار المنع {الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} مكة {الَّذِي جَعَلْناهُ} منسكا ومعبدا {سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ} أي تساوى فيه المقيم الملازم والطارئ من البادية {بِإِلْحادٍ} عدول عن القصد والاستقامة، والباء زائدة للتأكيد، أي إلحادا مثل {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}[المؤمنون ٢٠/ ٢٣]{بِظُلْمٍ} بغير حق، أي بسببه، بأن ارتكب منهيا، ولو شتم الخادم {نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ} أي يتلقى بعض العذاب المؤلم، وهو جواب الشرط لمن يرد، ويفهم خبر {إِنَّ} من قوله {نُذِقْهُ} أي نذيقهم من عذاب أليم.
سبب النزول:
قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت هذه الآية في أبي سفيان بن حرب