{وَالذّارِياتِ} الرياح تذرو التراب وغيره. {فَالْحامِلاتِ} السحب تحمل الأمطار.
{وِقْراً} ثقلا. {فَالْجارِياتِ} السفن التي تجري على سطح الماء. {يُسْراً} بسهولة أو جريا سهلا. {فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً} الملائكة التي تقسّم أمور العباد والأمطار والأرزاق وغيرها.
{إِنَّما تُوعَدُونَ} أي إن وعدكم بالبعث وغيره. {لَصادِقٌ} لوعد صادق. {وَإِنَّ الدِّينَ} الجزاء بعد الحساب. {لَواقِعٌ} لحاصل لا محالة. استدل تعالى باقتداره على هذه الأشياء على اقتداره على البعث الموعود.
{وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ} ذات الطرق جمع حبيكة، إما الطرق المحسوسة التي هي مسير الكواكب أو الطرق المعقولة التي يتوصل بها إلى المعارف. {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} إنكم يا أهل مكة في شأن القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم في قول متناقض مضطرب، فتقولون تارة: سحر وساحر، وتارة: شعر وشاعر، وتارة: كهانة وكاهن، وتقولون أحيانا: الله خالق السموات والأرض، ثم تقولون بعبادة الأوثان معه، وفي شأن الحشر: تارة تقولون: لا حشر ولا بعث، وأخرى تقولون:
الأصنام شفعاؤنا يوم القيامة عند الله.
{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} يصرف عن الرسول أو القرآن أو الإيمان من صرف عن الهداية في علم الله تعالى، إذ لا صرف أشد منه.
{قُتِلَ الْخَرّاصُونَ} لعن الكذابون من أصحاب القول المختلف. {فِي غَمْرَةٍ} جهل يغمرهم. {ساهُونَ} غافلون عما أمروا به. {يَسْئَلُونَ} النبي سؤال استهزاء. {أَيّانَ يَوْمُ الدِّينِ} متى مجيء يوم الجزاء؟ وجوابهم محذوف، أي يجيء. {يُفْتَنُونَ} يحرقون، يقال:
فتنت الذهب: أحرقته وأذبته ليعرف غشه، فاستعمل في الإحراق والتعذيب. {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} أي يقال لهم: ذوقوا تعذيبكم. {هذَا} التعذيب. {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} وقوعه في الدنيا استهزاء.
التفسير والبيان:
لما بيّن الله تعالى في آخر سورة ق المتقدمة أن المشركين مصرّون على إنكار الحشر بعد إيراد البراهين الساطعة عليهم، لم يبق إلا توكيد الدعوى بالإيمان، فافتتحت هذه السورة بذلك: