{غَشِيَهُمْ} علاهم وغطاهم. {كَالظُّلَلِ} كالظلال التي تظل من تحتها، من جبال وسحاب وغيرها. {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} الدعاء بأن ينجيهم، أي لا يدعون معه غيره بسبب ما دهاهم من الخوف الشديد. {مُقْتَصِدٌ} متوسط بين الكفر والإيمان، أو مقيم على الطريق القصد الذي هو التوحيد لا يعدل عنه إلى غيره، ومنهم باق على كفره. {وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا} ينكرها، ومنها الإنجاء من الموج. {خَتّارٍ} غدار، فإنه نقض للعهد الفطري. {كَفُورٍ} شديد الجحود للنعم.
سبب النزول:
نزول الآية (٢٧):
{وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ}:
أخرج ابن جرير عن عكرمة قال: سأل أهل الكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الروح، فأنزل الله {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ، قُلِ:}
{الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً}[الإسراء ٨٥/ ١٧] فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلا، وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة، {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}[البقرة ٢٦٩/ ٢]، فنزلت:{وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} الآية.
واخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عطاء بن يسار قال: نزلت بمكة:
{وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} فلما هاجر إلى المدينة أتاه أحبار يهود، فقالوا: ألم يبلغنا عنك أنك تقول: {وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} إيانا تريد أم قومك؟ فقال: كلاّ عنيت، قالوا: فإنك تتلو أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء،
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هي في علم الله قليل، فأنزل الله:
وأخرج أبو الشيخ ابن حيان الأنصاري في كتاب العظمة وابن جرير عن قتادة قال: قال المشركون: إنما هذا كلام يوشك أن ينفد، فنزل:{وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ} الآية.