للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيار أهل زمانه (١). وقال القرطبي: الصحيح أن الآية نزلت في عبد كافر عاق لوالديه (٢).

المناسبة:

بعد أن وصف الله تعالى الولد البار بوالديه وفوزه وتقبل الله عمله، وصف الولد العاقّ لوالديه هنا وجزاءه المستحق له، ثم أخبر تعالى أن لكل من الفريقين منازل ودرجات عند ربهم: إما رفعة وإما انخفاضا، وأخبر أيضا عما يقال للكفار توبيخا وتقريعا حين عرضهم على النار: إنكم تمتعتم في الحياة، وتكبّرتم عن اتباع الحق، وفسقتم عن طاعة الله، فتجازون اليوم جزاء ما عملتم ومن أجل ما عملتم.

التفسير والبيان:

{وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما، أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ، وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي؟} هذا عام في كل من قال هذا، إذ قال لأبويه حينما دعواه إلى الإيمان بالله واليوم الآخر: أفّ لكما، أي تضجر وتبرم مما تقولانه، أأنتما تخبرانني أنني سأبعث من قبري بعد الموت لموعد الله؟ إن هذا البعث بعد الموت المستبعد مستنكر، فقد مضت الأمم السابقة الكثيرة من قبلي، كعاد وثمود، ماتوا ولم يبعث منهم أحد، وذهبوا ولم يرجع منهم مخبر.

والخلاصة: المراد بالآية الجنس، لأن خصوص السبب لا يوجب التخصيص.

{وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ، وَيْلَكَ آمِنْ، إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} أي ووالداه يسألان الله أن يوفقه للإيمان، ويقولون له: ويلك آمن بالله وبالبعث، أي


(١) تفسير ابن كثير: ١٥٨/ ٤
(٢) تفسير القرطبي: ١٩٧/ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>