{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً، وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} وهذه هي العبرة والخاتمة التي ختمت بها القصة، كما ختمت بها قصص الأنبياء المتقدمين، والمعنى: إن في تلك القصة لعبرة وعظة لكل متأمل، حيث أهلك الله العصاة الموغلين في المعصية، وهم اللوطيون، ونجى المؤمنين الصالحين الذين أنكروا تلك الفاحشة، وكانت امرأة لوط من الهالكين لتواطؤها مع قومها، ومحبتها فعلهم، ولم تنفعها صلتها بالنبي لوط عليه السلام؛ لأن لكل امرئ ما اكتسب من الإثم، وما كان أكثر هؤلاء القوم بمؤمنين، بل كانوا وإن ربك لهو المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه المؤمنين التائبين.
فقه الحياة أو الأحكام:
إن الكفر بالله تعالى ورسله، والشذوذ الجنسي (اللواط) وترك الاستمتاع الطبيعي الحلال من طريق الزواج بالنساء، مدعاة للانتقام الإلهي، والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة.
ومهمة النبي لوط عليه السلام كانت صعبة جدا في علاج هذا الأمر المتأصل المستعصي في قومه، فأنكر عليهم أشد الإيمان، ووبّخهم أشد التوبيخ، ووصفهم بأنهم قوم موغلون في العدوان وتجاوز حدود الله، وأعلن بغضه الشديد لعملهم، بالرغم من تهديدهم له بالطرد والإبعاد من بلدهم.
ولما يئس لوط عليه السلام من إيمان هؤلاء القوم بالله، والتطهر من فعل الفاحشة الشنيعة، دعا ربه بأن ينجيه وأهله من عذاب عملهم، وألا يصيبه من عذابهم، وهذا يتضمن الدعاء عليهم، ولا يدعو النبي على قومه إلا بإذن من ربه.